أجمع السلف الصالح على أناتخاذ موسم غير المواسم الشرعية من البدع المحدثة التي نهى عنها صلى الله عليه وسلمبقوله: ((إياكم ومحدثات الأمور, فإن
كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة)), وبقوله صلىالله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)), وبقوله صلى الله عليهوسلم: ((من عمل
عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
فالاحتفال بليلة الإسراءوالمعراج بدعة محدثة لم يفعلها الصحابة والتابعون, ومن تبعهم من السلف الصالح, وهمأحرص الناس على الخير والعمل الصالح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولايعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها, لا سيما على ليلةالقدر, ولا كان الصحابة
والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر منالأمور ولايذكرونها, ولهذا لا يعرف أي ليلةكانت".
ومنأدلة ذلك ما يلي:
أما الكتاب: فقد قال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3]، وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِيالأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِوَالرَّسُولِ } [النساء:59]، والرد إلى الله هو الردإلى كتابه, والرد إلى الرسول هو
الرجوع إليه في حياته, وإلى سنته بعد موته, وقالتعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَفَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُغَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:31]
, وقال تعالى: { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِأَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].
وأما السنة:
فالأول: ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسولالله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفيرواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
الثاني: روى الترمذيوصححه, وابن ماجه, وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات
الأمور, فإن كل محدثة ضلالة.
وأماالاستصحاب: فهو هنا استصحاب العدم الأصلي.
وتقرير ذلك أن العبادات توقيفية, فلايقال: هذه العبادة مشروعة إلا بدليل من الكتاب والسنة والإجماع, ولا يقال: إن هذاجائز من باب المصلحة المرسلة, أو
الاستحسان, أو القياس, أو الاجتهاد؛ لأن بابالعقائد والعبادات والمقدرات كالمواريث والحدود لا مجال لذلكفيها.
وأماالمعقول: فتقريره أن يقال: لو كان هذا مشروعًا لكان أولى الناس بفعله محمدصلى الله عليه وسلم
.
هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج, وإن كان منأجل الرسول صلى الله عليه وسلم وإحياء ذكره كما يفعل في مولده صلى الله عليه وسلمفأولى
الناس به أبو بكر رضي الله عنه ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم، ثم منبعدهم الصحابة على قدر منازلهم عند الله, ثم التابعون ومن بعدهم من
أئمة الدين, ولميعرف عن أحد منهم شيء من ذلك فيسعنا ما وسعهم".
ثم ساق رحمه الله كلام ابنالنحاس في كتابه تنبيه الغافلين حول بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج, جاءفيه: "إن الاحتفال بهذه الليلة
وعلى العموم فهذا الاحتفال بدعة والدليل الخاص على بدعيته هو عدم الدليل الخاص المبيح.مذهب مالك لا يخرج عن هذا القول وإذ هو المعروف بمحاربته
للبدع وكرهه لها وهذا لا يخفى والله أعلم.