الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
نبدأ على بركة الله في المسألة الأولى وهي: الملاحظة
قولك:" قال ابن حجر في الفتح متحدثا عن الترتيب...* الذي أوردته من كلام ابن حجر دليل عليك لا لك،فلفظ لاحظ صريح في أنه أرد الرؤية بمعنى رأى، لا عقب أو استدرك،بدليل أنه لو أراد هذا المعني لقال *لاحظ على* معديا الفعل بـ - على- وهذا ما لم يفعله إذ لم يعن ما قلت.ثم إن كلام ابن حجر:* قد أجمع العلماء...* دليل قاطع على أن ابن الجهم لم يقصد بالملاحظة التعقيب،وإلا كيف يصح أن يستدرك و يعقب برأيه على الإجماع وقد حكاه ابن حجر؟؟؟
أما قولك :* وأصرح من هذا الاستعمال السابق، استعماله للفظ الملاحظة...* فهو أصرح في تأييد قولي لا قولك.سبحان الله كيف تستشهد بكلام في غير محله و تلزم ابن حجر والنووي بتأويل لم يقصداه.فقوله:* وقد يلاحظ في ذلك قوله تعالى...* معناه : ويؤيد معنى الحديث قوله تعالى:وتلك الجنة التي أورثتموها... أي أن المؤمن يتبوأ ويرث مكان اليهودي والنصراني في الجنة الذي كان أعده الله لهما،لكن لما كفرا بالله ورثها عنهما المؤمن وهذا بين أصرح ،وإلا فلا يقال في مكان المؤمن الأصلي في الجنة ورثه،لأنه يلزم من هذا المعنى أن يكون قد منحه ووهب له من قبل الله عز وجل،و لا يعترض على هذا بقوله صلى الله عليه وسلم :*لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله*.ولو أراد ابن حجر بلفظ لحظ التعقيب والاستدراك لعداه بـ-على-.
والذي أوقعك في هذا الفهم الخطأ هو طريقة بحثك ومراجعتك للمسألة- وأنت تعرف ما أقصد- التي جعلتك تكتفي من كلام ابن حجر بما تتوهم أنه ينفعك ويؤيدك وإلا فلو تأملت كلام ابن حجر وشرحه للحديث والأقوال التي أوردها في المسالة لتبين لك أن الصواب ما قلت إن شاء الله.فالذي يقصده التأييد والبيان لا التعقيب والاستدراك.
أما قولك:* أما الألباني رحمه الله فكتبه طافحة باستعمال...*
أقول:
إن هذا المنحى الذي أقحمتنا فيه غير سليم،وذلك أن الاعتبار بكلام الألباني و ابن حجر وغيرهما في اللغة لا يستقيم، فليسا حجة في الباب على جلالة قدرهما ولو حاججتني بكلام الشافعي لقبلت منك،لأن الشافعي رحمه الله ممن يعتد به في اللغة.والذي دعاني إلى أن أسلك هذا المسلك -الذي أقحمتني فيه- هو تشغيبك بقولك:* والعلماء قديما وحديثا يستعملونه في مجال النقد والتمحيص...* ومن هنا أحلتك على كلام الألباني وابن حجر لتدرك بطلان ما زعمت في حق العلماء من استعمالهم الملاحظة في النقد والتمحيص،فلم يكن ما قلتَ من صنيع الأولين قط،وإن وقع من المعاصرين فليسوا بمن يعتد بكلامهم في اللغة.وإلا فأنا استشهدت بادئ الأمر بكلام أهل اللغة لأن المسألة لغوية محضة ينفع فيها كلام أهل اللغة دون كلام غيرهم،لكن أنت من أقحمنا في هذا الأمر قسرا.وإذا كان الأمر كذلك فالمرجو من الأخ الفاضل الالتزام بكلام أهل اللغة ومن يعتد بهم في هذا الباب دون غيرهم،إذ لكل فنه واختصاصه كما تعلم.
أما قولك:*فإن كان من ذكرت لك ممن رغبت ـ أنت ـ في التمثيل...*
إذا تبينت ما قلته أنفا حول كلام ابن حجر بان لك أن فهمك عنه -رحمه الله- وهم،وعليه يبطل هذا الذي قلته هنا.ولو صدق قولك،فليس غلط ابن حجر رحمه الله في اللغة بالشيء الذي يستغرب وينكر،ومثله الألباني رحمة الله عليه.
والحاصل من هذا كله:
أن التعبير بالملاحظة لإرادة معنى التعقيب والاستدراك لا يصح من جهة اللغة،فاللحظ في اللغة ما قلت أعلاه نقلا عن أهل الاختصاص،وما ثبت عنهم أن فعل اللحظ يعدى بـ*على* أصلا فضلا عن أن يستعموله فيما زعمت.وإنما الجهة التي أتي منها من أوتي هو تنكبه عن تعلم لغة الضاد الحقة من مصادرها الأصلية وكتب الأقدمين،والاستعاضة عنها بلغة الجرائد و والصحف و التلفزة وأنت تعلم أن الصحفيين أجهل الخلق باللغة العربية إلا من رحم الله وقليل ما هم،وقد قيل قديما:" لا تأخذ القران عن مصحفي و لا العلم عن صحفي*.