الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فقد حضرت محاضرة سمعت فيها- كما سمعت أيضا من قبل بعض المشاركين في هذا المنتدى المبارك- كلاما لا يرضي في حق الإمام الجليل ابن حزم الظاهري لما فيه من التجني على الشيخ واحتقار مذهبه حتى غدت الظاهرية تهمة يتهم بها كل من طلب الرد إلى نص الكتاب والسنة والأخذ بظاهرهما.فحز في نفسي شيء من الغيرة على هذا الشيخ الجليل فأردت أن أرد شيئا من الاعتبار لمذهبه وهذا معقتدي وظني وحسبي ما اعتقدت. فأقول:
إن انتقاد مذهب معين أو شخص معين لا يكون بتتبع أقواله وفتاواه الفروعية الجزئية التي أفتى فيها التي خالف فيها وجه الصواب،بل يكون بمحاكمته إلى أصول مذهبه ومبادئه التي يستند إليها في الاجتهاد والاستنباط أما أن تتبع أقواله وزلاته التي زل فيها لنقض مذهبه أو الطعن فيه ليس بالمنهج العلمي في قريب ولا بعيد.فالكثير من الطلبة و الأساتذة أيضا لا يعرف عن ابن حزم ومذهبه إلا أنه يقول بنجاسة الماء الذي بيل فيه مباشرة دون الذي بيل فيه بالصب من الإناء أو نحوه،ولا يعرفون عنه أيضا إلا أنه اعتبر الرضاع المحرم ما تم بالمص المباشر من ثدي الأم دون ما تم طريق أخر كأن يحلب اللبن من ثدي الأم فيسكب في كأس فيشرب فلا يعد هذا عنده رضاعا محرما وغيرها من الاختيارات والفتاوى التي اختارها ابن حزم رحمه الله.كما لا يعرفون عنه إلا أنه يبطل القياس وغيرها من الأصول التبعية فتراهم يطعنون فيه بهذا وذاك دون الرجوع إلى تحقيق مذهبه في هذه الأمور أو على الأقل الرجوع إلى أدلته فيما ذهب إليه. فإن سرنا على هذا المنهج- أعني تتبع الفروع الفقهية الشاذة- فلا يكاد يسلم أي مذهب من شذوذات وتشديدات ومخالفات صريحة للكتاب والسنة- لا أقول إن الأئمة يقصدون المخالفة- ،فليس الأمر حكر على مذهب الظاهرية فحسب.فلماذا الطعن في ابن حزم وحده دون غيره؟؟؟
إن طالب الحق والحقيقة إنما يتتبع أدلة ابن حزم وحججه التي استند إليها في إقراره أصوله المذهبية التي هي الكتاب والسنة وإجماع الصحابة دون إجماع غيرهم والاستصحاب.أما أن يكتفي بما راج عنه أو يستمسك ببعض زلاته لنقض مذهبه كله فليس هذا بالصواب.وإلا فالمتتبع لأدلة ابن حزم في العمل بظاهر الكتاب والسنة- ونصهما من باب أولى- يجدها أدلة قوية في بابها تنتهض بالحجة والدليل،وكذلك أدلته في تأكيد حجية الاستصحاب و إجماع الصحابة ونفي ما عداه.
أرجو من الإخوة ممن يهمهم هذا الموضوع أن يسايرونا في مناقشته حتى تعم الفائدة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين