منتدى وموقع نادي الإمام مالك العلمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بك أخي الزائر أختي الزائرة ، نتشرف بتسجيلكم في منتدى نادي الإمام مالك العلمي، ونتمنى لكم ومنكم الإفادة والإستفادة
منتدى وموقع نادي الإمام مالك العلمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بك أخي الزائر أختي الزائرة ، نتشرف بتسجيلكم في منتدى نادي الإمام مالك العلمي، ونتمنى لكم ومنكم الإفادة والإستفادة
منتدى وموقع نادي الإمام مالك العلمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى وموقع نادي الإمام مالك العلمي


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالخميس يناير 14, 2010 2:44 pm

السلام عيلكم ورحمة الله

أضع بين يديكم مسألة علمية جد دقيقة قد لا تخطر على بال أحدكم لغرابتها وجدتها – على الأقل حسب ما أعلم وفوق كل ذي علم عليم-،هذه المسألة هي : أن القاعدة الأصولية يمكن أن تضبط وتحكم على المسألة العقدية كما تحكم وتضبط تماما المسألة الفقهية والأحكام العملية؟ يعني كما تمثل القاعدة الأصولية مرجعا في الفصل في المسائل الفقهية،فكذلك يمكن أن تؤدي هذا الدور بالنسبة للمسألة العقدية،والغرابة في هذه المسألة هي من جهة أن الأصوليين يعرفون أصول الفقه بـ"مجموع القواعد و المناهج التي يتوصل بها المجتهد إلى استنباط الحكم الشرعي إضافة إلى بيان حقيقة المجتهد وشروطه وأحوال المستفتي" وغير ذلك كما تعلمون.أي أن أصول الفقه إنما يحكم المسائل العمليةفقط أي الفقه،ولا شأن له بالعقيدة والمسائل العقدية كما هو واضح من التعريف.

هذه المسألة قرأتها في كتاب " التجديد و المجددون في أصول الفقه" لأبي الفضل عبد السلام بن عبد الكريم،ونسبها إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث أكد أن من الخصائص التجديدية- باعتبار شيخ الإسلام مجددا في أصول الفقه- عنده: أن تأصيلاته في أصول الفقه وتقعيده لقواعده تشمل ضبط المسائل الفقهية وكذا المسائل العقدية بشكل لم يعهد عند من سبقه -رحمه الله- من الأصوليين.ولما قرأتها استهجنتها كثيرا وأنكرتها لما تحويه من المعاني الباطلة حسب ما ظهر لي والله أعلم.

ورغبة مني في مناقشة هذه الفكرة وبحثها بشكل علمي بعيدا عن المجازفات والنقاشات الجافة المجردة عن الأدلة،وبيان صلاحيتها وصدقها ،أوردتها بين أيديكم كي يدلي كل منكم بدلوه في هذا الموضوع حتى نتبين حقيقة هذه الفكرة.فالمرجو منكم التفاعل مع هذ الموضوع جزاكم الله خيرا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاتم الأحزان
عضو جديد
عضو جديد
كاتم الأحزان


عدد المساهمات : 26
نقاط : 58232
تاريخ التسجيل : 22/12/2008
العمر : 37

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: مُحَمَّد بن الأَمِين بُوخُبْزَة   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 9:37 am

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه ترجمة لأحد علماء المغرب وهو الشيخ العلامة محمد الأمين بوخبزة وقد كتبها بيده وهي كالتالي:
مُحَمَّد بن الأَمِين بُوخُبْزَة
هذه ترجمتي بقلمي:
بسم الله الرحمان الرحيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أنا (وأعوذ بالله من قول "أنا") محمد بن الأمين بن عبدالله بن أحمد بن أحمد بن الحاج أبي القاسم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن سعيد بن يحيى بن عبدالله بن يحيى بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الولي الصالح أبي الحسن علي بن الحسن الحسني الإدريسي العمراني المكنى (بوخبزة)، دفين مجشر (أًغْبالو) -بقبيلة بني عروس- داخل ما يسمى –زُوراً- بالحَرَمِ العَـلـَمِي التي عيّن حدودَه ابن زاكور الفاسي في كتابه "الإستشفاء من الألم، بذكرى صاحب العَـلـَم"، والعلم اسم جبل يوجد به ضريح الصوفي الشهير عبد السلام بن مَشِيش.


وينتهي نسبي إلى عبد الله بن إدريس مرورا بعمران (وإليه النسبة "العمراني") بن خالد بن صفوان بن عبدالله بن إدريس بن إدريس بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن العلماء من ينسبنا (عَـلـَمِيِّين) حسب اصطلاح نسّابةِ المغرب، وهذا غير صحيح إلا من حيث الأم، وممن ذهب إلى هذا -وهو خطأ- شيخي أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصديق فقال في مساجلة منظومة:
أَطـَلْـتَ فـيها أدام الله مجـدكـمُ * أنـت فـخر الهـداة مـن بني العَلَمِ.

وأصل سلفي من هناك، وكان منهم من يتردد على تطوان لقرب المسافة، وهكذا سكنها والدُ جدي الفقيه السيد أحمد الذي كان معدَّلاً وأستاذا مقرئا، وأخوه الفقيه النحوي السيد عليّ الذي أخذ عنه العلم كثير من علماء تطوان منهم الفقيه العلامة القاضي السيد محمد بن علي عَزِّيمان وقد ترجم له أبو العباس أحمد الرَّهوني في تاريخه الحافل: "عمدة الرَّاوين في تاريخ تطَّاوين".

ولدت بتطوان بمنزلنا بدرب الجُعَيْدي (نسبة لساكنه الصوفي الشهير أبي الحسن بن علي بن مسعود الجعيدي أحد كبار أصحاب أبي المحاسن يوسف الفاسي الفهري دفين تطوان قبالة الدرب المذكور) بحي العيون، في زوال يوم السبت 26 ربيع الأول 1351هـ (واحد وخمسين وثلاثمائة وألف) موافق 20 يوليوز سنة 1932م من تاريخ النصارى، كما وجدت بخط والدي رحمه الله في كناشته (وما في أوراقي الرسمية من تقديم ذلك بسنة فخطأ غير مقصود)، وأنا رابع إخوة لي أشقاء: عبدالله (توفي صغيرا)، وعائشة، ومصطفى، ومحمد، وعبدالله، وبعد خمس سنوات خُتِنْتُ، خَتَنَنِي المعلِّم محمد الحَسْكي التطواني في الدكانة الذي كانت داخل الباب الغربي لجامع العيون من تطوان.
وفي السنة التالية أُدْخِلْتُ الكُتَّاب (الْمسِيدْ) فتلقيتُ مبادئ القراءة والكتابة والحساب والدين وبعضَ قصار المفصّل على الفقه المجوِّد السيد الحاج أحمد بن الفقيه المقرئ المعدَّل الأستاذ السيد عبدالسلام الدُّهْرِي (كان هذا السيد يختار للإمامة بالحجاج في البواخر التي كانت ترسلها إسبانيا في أول حكم (فرَانْكُو) للحج دعايةً وسياسة، فإذا ذهب أَنَابَ عنه الفقيه الشريف الأشيب السيد عبدالله شقور (الذي ما زال على قيد الحياة إلى الآن عام 1406، وقد تجاوز المائة، ثم توفي رحمه الله عام 1412هـ)، وبعد وفاة الفقيه الدُّهري واصلت على الفقيه الخَيِّر السيد محمد بن الراضي الحسّاني، وبعده على الفقيه البركة الزاهد السيد محمد بن عمر بن تَاوَيْت الودراسي والد الفقيه القاضي السيد أحمد وشقيقه الكاتب والأديب النابغة المؤلف السيد محمد رحمهما اللهّ، وعليه أتممتُ حفظ القرآن وسَرَدْتُه كلَّه أمامه على العادة الجارية.
وبعد وفاته استمررت في القراءة على خَلَفه الأستاذ السيد محمد زيان، ولم أمكث معه إلا قليلا حيث أتممتُ حفظ بعض المتون العلمية كالآجرومية، والمرشد المعين على الضروري من علوم الدين، والخلاصة وهي ألفية ابن مالك، وبعض مختصر خليل في الفقه المالكي، ثم التحقت بالمعهد الديني بالجامع الكبير ومكثتُ فيه نحوَ عامين تلقيتُ خلالها دروساً نظامية مختلفة على ضَعف المستوى العام في التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو البلاغة، على مدرسيه المشهورين الأساتذة: محمد بن عبدالصمد التُّجكاني، ومحمد بن عبدالكريم أًقَلعي الشهير بالفحصي (القاضي في ما بعد رحمه الله)، ومحمد بن عبدالله القاسمي (خليفة القاضي)، والعربي بن علي اللُّوهْ (الوزير في الحكومة الخليفية)، وقد ألف عدة كتب طُبع بعضها في الأصول والمنطق العقائد وتاريخ المقاومة في شمال المغرب، ومحمد بن حمو البقالي الأحمدي، والشيخ محمد المصمودي، والتهامي المؤذن الغرباوي، ومحمد الزكي الحراق السَّرِيفي، وأحمد القْصِيبي الأَنجري، وعمر الجَيّدي الغُماري وغيرهم (وقد توفي هؤلاء إلى رحمة الله في مُدد متفاوتة).

وكنت قبل التحاقي بالمعهد أخذتُّ عن والدي رحمه الله النحو بالآجومية والألفية إلى باب الترخيم حيث توفي، وكانت طريقتُه في التدريس من أنفع الطرق للمبتدئ، حيث كان يأخذني بحفظ المتن فقط، ثم يشرحه لي، ويلقنني الأمثلةَ والشواهد ويأخذني بحفظها ويبين لي محل الشاهد، ويمتحنني كل أسبوع.

كما أخذتُّ دروسا في الفقه المالكي بالمرشد المعين لعبد الواحد بن عاشر، على الفقيه القاضي (بعد الاستقلال) السيد عبدالسلام بن أحمد علال البَختي الودْراسي، ودروسا أخرى في النحو على الأستاذ السيد المختار الناصر الذي كان مدرسا للبنات بالمدرسة الخيرية بتطوان، وكنا نقرأ عليه لأول عهدنا بالطلب بالزاوية الفاسية بالطَّرَنْكَات، وكان يطيل الدرس إلى أن ينام أغلب الطلبة رحمه الله، وعلى الأديب الكاتب الشاعر الناثر الفقيه المعدَّل السيد محمد بن أحمد علال البَختي المدعو ابن علال، وقبل هذا وبعده حضرتُ دروسا في الحديث والسيرة على الفقيه المؤرخ وزيد العدلية السيد الحاج أحمد بن محمد الرَّهوني، وكان هذا في الغالب في رمضان قبل أن ينتقل بسكناه إلى جِنانِهِ بِبُوجَرًّاح، وكان يسرُد له السيد محمد بن عزوز الذي تولى القضاء بإحدى قبائل غُمارة وبِها توفي، وكان يسرُد له أحيانا صحيح البخاري السيد عبد السلام أًجْزُول لجمال صوته، وعلى الفقيه المدرس النفّاعة السيد الحاج محمد بن محمد الفَرْطاخ اليَدْرِي.

كما نفعني الله تعالى جدا بدروس الدكتور محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني السجلماسي الذي قدم تطوان حوالي 1365 هـ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، من أوربا وأقام بين ظهرانينا نحوَ ست سنوات تلقيتُ عليه خلالها دروسا في التفسير والحديث والأدب، وكان يلقي هذه الدروس بالجامع الكبير، وكان يسرد عليه محمد ابن فريحة، ويدرس بالدر المنثور للسيوطي والاعتصام لأبي إسحاق الشاطبي، وأحدث بتطوان نهضة أدبية، وشغل الناس بآرائه وأفكاره، وأثار الفقهاء والصوفية بانتقاداته فلَمَزوه وآذوه فهجاهم أقذع الهجو رحمهم الله، كما انتفعت كثيرا بتوجيهات العلامة الأديب الوزير السيد محمد بن عبد القادر بن موسى المنبهي المراكشي منشأ التطواني دارا ووفاة، فكان يملي علي قصائده وأشعاره، ويذاكرني بلطائف المعاني وطرائف الآداب، وقد جمعت ديوانه في مجلد لطيف (توجد صورة منه بخزانة تطوان).

وفي فاتح رجب 1367 هـ توفي والدي رحمه الله ففُتّ في عضدي ، وخمدت جذوة نشاطي، وتأخرت عن كثير من دروسي انشغالا بالعيش وحل المشاكل المخلفة، وسعيا على الوالدة والإخوان، ولم أنقطع قط عن الدراسة والمطالعة واقتناء الكتب و مدارسة إخواني الطلبة الأدبَ والعلمَ، وفي نحو عام 1370 هـ زرتُ مدينة فاس ومكثت بها أياما أخذت فيها دروسا على الفقيه الشهير محمد بن العربي العلَوي بالقرويين في أحكام القرآن لابن العربي، وبعد ذلك عرض علي الفقيه القاضي الحاج أحمد بن تاوَيْت رحمه الله العمل معه كاتبا بعد أن عينته وزارة العدل قاضيا ثانيا عند اتساع العمران، وازدحام السكان ، فأنشأت محكمة شرعية أخرى بحي العيون غربي الجامع، فقبلت وعملت معه كاتبا.
وفي فاتح جمادى الأولى 1374 هـ في 27 /12/1954 م أصدرت مجلة "الحديقة" أدبية ثقافية عاشت خمسة أشهر؛ إذ توقفت في رمضان عامه، وكانت مجلة جميلة كنت آمل- لو عاشت- أن تكون مجلة الطلبة الوحيدة في شمال المغرب، حيث كان ينشر فيها نجباء الطلبة وكتابهم وشعراؤهم وقصاصوهم.
وكنتُ قبل ذلك أصدرت بالمعهد الديني أول مجلة خطية باسم "أفكار الشباب" كنا نكتب منها نسختين أو ثلاثة يتداول الطلبة قراءتها، وبعد خروجي من المعهد اتصل بي جماعة من الطلبة وعرضوا علي المشاركة في نشاطهم الثقافي، وكان يتولى إدارة المعهد يومئذ أستاذ متعاون مع الإدارة الإسبانية، فأوجس خيفة من نشاطنا، وبث حولنا عيونه.
وكنت أصدرت جريدة "البرهان" خطية لانتقاد سياسة الاستعمار الإسباني في التعليم واضطهاد الطلبة، والتضييق عليهم، ولم يصدر منها إلا عدد أول، فكتب مدير المعهد رسائل إلى رئيس الاستعلامات الإسباني (بِـلْدا) يُخبره فيها باستفحال نشاط الطلبة السياسي وصدور الجريدة وما يكتُب فيها فلان - يعنيني- وهو غير طالب بالمعهد ومتهم بالوطنية ! من مقالات تمس سياسية إسبانيا … إلخ، فاستدعِيتُ ونالني من السب والشتم والتهديد والأذية ما قرت به عين سيادة المدير للمعهد الديني الإسلامي ! وأذنابه، ولما أيِسَ هذا المدير "الأمين التمسماني" من انتقام الإدارة الإسبانية منا كتب إلى الباشا "اليزيد بن صالح الغُماري" بمثل ما كتب به إلى "بِلدا" فسألني الباشا عن التهمة فأجبته بأن رئيس الاستخبارات الإسباني سبقه إلى التحقيق في هذه القضية ولم يجد شيئا، فغضب الباشا واحتدّ، وأمر بنا إلى السجن لولا تدخلُّ بعض الناس، ومن عجيب صنع الله أن هذا الباشا اضطُرّ إلى الوقوف بباب مكتبي بالمحكمة بعد عزله في أول عهد الاستقلال فلم أعامله بالمثل، ثم تنبهت إلى أن مكتبه الذي هددني وهو خلفه هو المكتب الذي خاطبته من ورائه بعد أن احتاج إليّ، و لله في خلقه شؤون .
ثم انقطعت عن كل نشاط من هذا القبيل وأكببتُ على التدريس والكتابة، ونشرت مقالات كثيرة في عدة صحف ومجلات كمجلة "لسان الدين" التي كان يصدرها الدكتور"الهلالي" بتطوان، وبعد سفره "عبد الله كنّون" ومجلة "النصر" و "النبراس" ، وأخيرا جريدة "النور" وغيرها، ونظمت قصائد وأنظاما كثيرة معظمها في الإخوانيات ضاع أكثرها؛ لأني كنت أضمنها رسائل وأجوبة للإخوان ولا أحتفظ بنسخها.

ولدي كنانيشُ فيها تقاييد ومختارات ومقطوعات لا يجمعها نظام ولا يضمها باب. وقد أصهرت إلى الأستاذ المحدث الكبير، بل كبير علماء الحديث بالشمال الإفريقي الشيخ "أحمد بن محمد ابن الصّدّيق التجكاني الغُماري الطنجي" وكنت أعرفه من قبل، فأعجبت بسعة اطلاعه ورسوخ قدمه في علوم الحديث، فكاتبته وجالسته واستفدت منه علما جما، وأعطاني من وقته وكتبه ما كان يضِنّ به على الغير، وأجازني إجازة عامة بما تضمنه فهرسه الكبير والصغير.

كما أجازني مشافهة كثير من العلماء من أشهرهم الشيخ "عبد الحي الكتاني" عند زيارته لتطوان واعتذر عن الكتابة ووعد بها فحالت دونها مواقفه السياسية، كما أجازني الشيخ "عبد الحفيظ الفاسي الفهري" مشافهة بمصيف مرتيل، والشيخ "الطاهر بن عاشور" بمنزله بتونس عام 1382هـ، واعتذر عن الكتابة بالمرض والضعف، وهذا الأخير من شيوخ شيخي ابن الصديق، ولم تكن لي عناية بالإجازات.

والشيخ "أحمد بن الصديق" هو الذي أجازني ابتداء دون طلب مني، ولم أكن معه على وفاق في الاعتقاد بالتصوف الفلسفي والصوفية والمبالغة في ذلك، كما لم أكن أرضى تخبطه في السياسة وتورطه في أوحالها، مما شوّه سمعته وسود صحيفته، وأصابني برشاش، كما ندمت بالغ الندم وتُبت إلى الله منه لما طوّح بي إليه الشيخ من التشيع المقيت والرفض المُردي، فتورطت في الحملة على كثير من الصحابة ولعن بعضهم كمعاوية وأبيه وعمرو بن العاص وسمرة وابن الزبير وغيرهم، متأثرا بما كنت أسمعه مرارا وأقرؤه من أحاديث مما عملت أيدي الروافض، كان الشيخ يمليها علينا مبتهجا مصرحا أنها أصح من الصحيح، فكنا نثق به ونطمئن إلى أحكامه، ويحكم على كل ما يخالفها من الأحاديث بأنها من وضع النواصب.

ومن الطريف في هذا الباب: أنه كان يُبغض الشام وأهله ويصفهم بالشؤم على الإسلام وأهله، ويبطل ما ورد في فضله من أحاديث صحيحة، وظل كذلك إلى أن فر من المغرب إلى مصر، ثم زار الشام فأكرمه أهلها، وأقام له صوفيتها المآدب، فكتب إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في الشام وأهله، وأن ما ورد في ذلك صحيح.

ومما كان له الأثر الكبير في حياتي، ويعد وصلا لما كان انقطع من انتهاجي منهج السلف الصالح بعيدا عن تيارات التصوف الفلسفي والتشيع المنحرف اتصالي بالشيخ المحدث السلفي الحق "محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني الأرناؤوطي ثم الدمشقي" نزيل عمّان البلقاء الآن مهاجرا بدينه مضيقا عليه بعد أن أخرج من دمشق ظلما وعدوا، فقد اجتمعتُ به بالمدينة المنورة في حجتي الأولى عام 1382هـ بمنزله وأعطاني بعض رسائله، فاعتبرتها مناولة فاستأذنته في الرواية عنه بها فأنعم، وزارني بتطوان مرتين: قرأت عليه في إحداهما أبوابا من "السنن الكبرى" للنسائي المخطوطة بخزانة الجامع الكبير، واجتمعت به بطنجة، بمنزل الشيخ الزمزمي ابن الصديق، وسمعت من فرائده وفتاواه الكثير، وبعث إلي من رسائله وكتبه المستطابة ما أحيا في قلبي كامن الشوق إلى تتبع هذا المهيع المشرق والعناية بآثاره ومعالمه، والاستمساك بعراه، وما زلت إلى الآن لاهجا بفضله، داعيا إليه.

وقد تزوجتُ باكرا وأنجبت أولادا بكرهم أوّيس، وهو الآن أستاذ بإحدى ثانويات تطوان، ويعد أطروحته لإحراز دكتوراه الدولة في الأدب، وله شعر حسن ومقالات منثورة، نسأل الله تعالى أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة آمين.

وتوجد نماذج من نظمي ونثري عند الإخوان وضمن مذَكَّراتي المسمات: "جراب السائح" كما أنني صححت جزءا من تمهيد ابن عبد البر طبع وزارة الأوقاف في المغرب، وأكثر من النصف من كتاب الذخيرة في الفقه المقارن للقرافي المالكي، والأربعين حديثا في الجهاد لعلي بركة الأندلسي، وسراج المهتدين لابن العربي المعافري، وتحت يدي الآن الجزء الثامن والتاسع من النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، وسيصدر إن شاء الله عن دار الغرب الإسلامي، وكلفتني منظمة "الإيسيسكو" للتربية والثقافة والعلوم بمراجعة: معجم تفاسير القرآن الكريم الذي صدر عنها مؤخرا والاستدراك عليه، وقد تم المستدرك في حجم أصله، وتم طبعه وسيصدر قريبا بإذن الله، كما طبع لي جزء الأربعين حديثا في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، وتم توزيعه بتطوان، كما أخذ بعض الإخوة هنا مجلدا في خطب الجمعة لطبعه، يسر الله ذلك بمنه، وللأخوين الكريمين الدكتور حسن الوراكلي الأستاذ بجامعة أم القرى، وصديقه الأخ الداعية محمد المنتصر الريسوني كلام عني وعن أدبي نشر بمجلة دعوة الحق، كما صدرت لي ترجمة ضمن مادة التعريف بأسرة: "بوخبزة" في "معلمة المغرب" التي تصدر تباعا بالمغرب بإشراف الدكتور محمد حَجي.

هذه ترجمة كتبتها بطلب من الأستاذ عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة المغربية، ليدرجها في موسوعته "أعلام المغرب العربي" التي صدر منها للآن 6 مجلدات، وأذكر أنني اعتذرت للأستاذ المذكور عن كتابة ترجمة بأنني تلميذ محب للعلم ولست من الأعلام حتى أترجَم ضمنهم، فأجابني أن كثيرا جدا ممن تضمهم معاجم التراجم وكتب الطبقات والتواريخ عوام أو في حكمهم، لا يستحقون أن يكونوا تلامذة بمعنى الكلمة، ومع ذلك فقد أضفيت عليهم الألقاب والأوصاف، وأسدلت عليهم أردية التعظيم والاحترام، فكيف تكِعُّ أنت -يخاطبني- عن التعريف بنفسك، وقد انتفع الناس بك، وأنا أعتمد على إشاراتك وتنبيهاتك كلما زودتَّني بها في كلام من هذا القبيل أملاه عليه تواضعه المشكور، وهو العالم المؤرخ المشهور، فشجعني كلامُه هذا على كتابة ما تقدم، وأرجو أن أكون قد أصبتُ الحقيقة، وأستغفر الله على كل حال، وقديما قيل:
لعمر أبيك ما نسـب المعـلى *** إلى كرم وفي الدنيا كريـم
ولكن البلاد إذا اقشـعــــرت *** وصوح نبتها رعي الهشيم

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nadi.mam9.com/montada-f9/topic-t697.htm
عبد السلام أيت باخة
مشرف مكتبة الطالب
مشرف مكتبة الطالب
عبد السلام أيت باخة


عدد المساهمات : 280
نقاط : 61018
تاريخ التسجيل : 31/03/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:21 pm

من الأفضل للأخ أبي عائشة أن ينقل هذه الترجمة للعلامة التطواني ويجعلها موضوعا مستقلا، أو يلحقها بالموضوع الذي بدأه أخونا أيوب شبل سلا في ذكر تراجم علماء المغرب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد السلام أيت باخة
مشرف مكتبة الطالب
مشرف مكتبة الطالب
عبد السلام أيت باخة


عدد المساهمات : 280
نقاط : 61018
تاريخ التسجيل : 31/03/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 12:26 pm

موضوع جيد يا أبا عبد الله وممتع في مناقشته لكن أود في البداية أن أطلب منك شيئا منهجيا يسيرا وهو أن تنقل لنا كلام ابن تيمية من مظانه لنعلم حدود هذا الرأي الذي ذهب إليه ونكون على بينة من أمرنا
بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلام عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 2:37 pm

نعم هذه مسألة منهجية – جعلك الله من حراس المنهج ههههه- لكن أنا أعرضت عنها لأن أبا الفضل لم يورد كلاما دقيقا واضحا يبين عمل ابن تيمية بهذه القاعدة في أصول الفقه عنده،لذلك ابتغيت أن نناقشها بشكل مجرد حتى نعلم هل تستسيغها العقول -ولاسيما السلفية- أم لا تستسيغها.فنحن نناقشها من هذا المنطلق بغض النظر عن صحة نسبتها إلى ابن تيمية أم لا .وإن اقتضى الحال بعد ذلك الرجوع إلى كلام ابن تيمية نرجع إليه.والله الموفق.


عدل سابقا من قبل أبو عبد الله في السبت يناير 23, 2010 10:46 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد السلام أيت باخة
مشرف مكتبة الطالب
مشرف مكتبة الطالب
عبد السلام أيت باخة


عدد المساهمات : 280
نقاط : 61018
تاريخ التسجيل : 31/03/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2010 3:31 pm

وهذه حيدة منك بارك الله فيك ـ جعلك الله من أهل الحياد في النقاش الحاد هههههههههه ـ هذه بتلك
أبشر بما يسرك إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلام عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالسبت يناير 16, 2010 4:43 am

هده مني جيدة بخلاف ما وقع مني في موضوع السلفية ههههه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد السلام أيت باخة
مشرف مكتبة الطالب
مشرف مكتبة الطالب
عبد السلام أيت باخة


عدد المساهمات : 280
نقاط : 61018
تاريخ التسجيل : 31/03/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالسبت يناير 16, 2010 5:39 am

موضوع السلفية أسكرك فيه الغضب حتى الثمالة فدعوت علينا وعلى النقاش
أضحك الله سنك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلا م عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالسبت يناير 16, 2010 2:16 pm

والله ما سكرت وما هذيت وما غضبت وما دعيت عليكم بل دعيت على النقاش ههههههه أنت من غضب وسكرت وهذيت وخبلت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للقاء ربها
عضو متميز
عضو متميز
المشتاقة للقاء ربها


عدد المساهمات : 107
نقاط : 54876
تاريخ التسجيل : 30/11/2009

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 3:55 am

حياكم الله

أرجو ألا يحدث في هدا النقاش مثلما حدث في موضوع السلفية Smile ...ننتظر الاستفادة منكم... بارك الله جمعكم و نفع بكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلام عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالأحد يناير 17, 2010 11:15 am

هذا ما سيكون إن شاء الله -تحقيقا لا تعليقا- بتعاونكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلام عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالأربعاء مارس 10, 2010 9:00 am

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد،فإن رأيي في هذه المسألة أفصله بعد أن أجملته كما يأتي:

إن هذه المسألة بهذا الإطلاق لا تصح لما يأتي:

أولا: إن المصنف في نسبته لهذه الفكرة -أي أن القاعدة الأصولية تحكم على المسألة الاعتقادية- إلى ابن تيمية رحمه الله تكلف في تأويل كلامه،واعتمد على نصوص عامة،ولم يأت بشاهد أو مثال يبين عمل ابن تيمية بهذه القاعدة وسيرها عليها.

ثانيا:نعلم جميعا أن أصول الفقه يستمد من ثلاثة علوم : أصول الدين والفقه واللغة العربية.والذي يعنينا هنا استمداده من أصول الدين،ومعنى استمداده من أصول الدين أن حجية الاستناد إلى أصول الفقه في استنباط الأحكام الشرعية لم يثبت إلا بعد الإيمان والإقرار بأركان الإيمان والعقيدة الستة،ذلك أن استنباط الأحكام الشرعية مثلا من الكتاب لا يتم إلا بعد الإيمان بمنزل هذا الكتاب والمعرفة بأسمائه وصفاته وهو الله عز وجل،إذ لا يتصور الاستنباط من القرآن ممن لا يؤمن بالله ولا يقر له باسمائه وصفاته،كما لا يصح أن يقول المجتهد: إني أستمد الأحكام من الكتاب وهو كلام الله لكني لا أؤمن بالله؟؟ فهذا محال غير ممكن.وما قيل في الكتاب صح في السنة -وهو ظاهر-ومثلهما الإجماع لأنه لم يقرر إلا بأدلة من الكتاب والسنة،ومن ينكر حجيته ينكر حجية الكتاب والسنة ودلالتها على المعاني،والعكس بالعكس،ومثله أيضا القياس وما تلاه من أصول الفقه،لأن مدارها كلها على الكتاب والسنة لا غير.

وجه الاستدلال من هذا كله أن أصول الفقه بالنسبة إلى أصول الدين،هي كنسبة الفرع إلى الأصل،ومعلوم أن الفرع لا يضبط ولا يحكم بحال على الأصل لأنه ما ثبت إلا بعد ثبوته، وإذا تبين ذلك فأصول الفقه فرع وأصول الدين أصل له، فهما لا يخرجان عن هذه القاعدة.وعليه فالقاعدة الأصولية لا تضبط المسألة الاعتقادية ولا تُحَكم فيها.

ثالثا:من المعلوم أيضا أن قواعد أصول الفقه التي ينتظمها نوعان: قواعد لغوية نحو العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمفسر وقواعد الأمر والنهي والحقيقة والمجاز... وقواعد منطقية نحو دلالة الالتزام والاقتضاء والتضمن والقياس وغيرها من المباحث.

ومن المقرر في الشريعة عند علمائها أن خطابها لا يفهم إلا بلغته التي أنزل بها وهي اللغة العربية.وأن العلماء -أيضا-لم يميزوا في نصوص الشريعة بين نصوص الأحكام الفقهية والأعمال وبين نصوص الاعتقاد والإيمان وغيرهما في خضوعها لتلك القواعد اللغوية.ولما كانت بعض أصول الفقه قواعد مستمدة من اللغة العربية فلا غرو أن تكون أصول الفقه ضابطة لمسائل الاعتقاد تماما كما تضبط مسائل الفقه والأحكام تخريجا على هذا الذي قرره العلماء.

وقد يقول قائل عن هذا إنه حجة عليك لا لك،نعم في ظاهر الأمر هو كذلك لكن الحقيقة خلاف ذاك.وبيان ذلك أن الأصوليين لما أخذوا من النحويين القواعد التي سطروها في علمهم وفنهم،لم يكتفوا بمجرد النقل لها وإعمالها كما قعدها أهل اللغة والنحو،بل زادوا عليها وهذبوها وأضافوا إليها تفريعات وتعقيدات لم تكن تخطر على بال اللغويين والنحويين أنفسهم.فاكتسبت نوعا من التعقيد والتفصيل لم تكن عليهما في السابق ومحل الوقوف على هذا التعقيد والتفصيل كتب الأصول.مما جعل تطبيقها – أي قواعد أصول الفقه اللغوية- على عموم نصوص الشريعة العملية و الاعتقادية بهذا الشكل الذي استقرت عليه عند أهل الأصول،أمرا فيه نوع من المجازفة والتكلف في تأويل نصوص الاعتقاد التي عهدنا بها أنها لا تحتمل كثيرا من التكلف والاستنطاق والمجازات.فمسائل الاعتقاد لا تحتاج إلى هذا التكلف في التأويل والتفسير،لأنها تؤخذ على ظواهرها.

وإذا تبين استحالة ذلك بالنسبة للقواعد اللغوية،استحال واستقبح كذلك -من باب أولى- في القواعد المنطقية كما يبدو من اسمها،فإن خطر تحكيمها في مسائل الاعتقاد والإيمان أمر ظاهر لا يخفى وحتى يتبن ذلك نضرب مثال واحدا لذلك:

إذا أخذنا مثلا قوله تعالى:"وكان الله عليما حكيما"،فإن ظاهر هذه الآية – وهكذا يتعامل مع نصوص العقيدة-يفيد أن لله عز وجل صفتان أو اسمان هما العلم والحكمة.فهذا أقصى ما يجب على المسلم أن يستنبطه من الآية وأمثالها،ويتوقف عنده دون تعمق ولا استنطاق.

وإذا أردنا أن نستنبط من الآية نفسها ما تدل عليه من أحكام ومعان باستعمال إحدى القواعد الأصولية المنطقية مثل دلالة أو قاعدة الاقتضاء[1]،فإننا نخلص إلى نتيجة ثانية زائدة على النتيجة الأولى،وهي :إن صدق اتصاف الله عز وجل بصفتي العلم والحكمة يتوقف على تقدير أمر محذوف اتصف به الله عز وجل ولم يذكر في الآية هو العقل،لأن العلم والحكمة لا يصدران إلا ممن اتصف بآلتهما وهي العقل.

وعليه فإن تطبيق دلالة الاقتضاء على هذه الآية خلص إلى أن العقل صفة من صفات الله عز وجل،لأن العلم والحكمة متوقفان عليه.

لكن هل هذه النتيجة وهذا الحكم المستنبط من الآية يقره ما ثبت في عقيدة المسلم من أنه لا يوصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم،والعقل لم يثبت في نص شرعي أن الله متصف به؟ كلا.

رابعا:إن الطريقة التي جرى عليها غالب التأليف في أصول الفقه هي طريقة المتكلمين المعتزلة والأشاعرة،فلا يقرون أصلا من أصول الفقه ولا يضعون تعريفات لبعض مصطلحات أصول الفقه إلا وتجدهم متأثرين في ذلك بمذهبهم العقدي[2] ،ولا يخفي أن الاعتزال والاشعرية مذهبان حائدان على طريقة السلف في الاعتقاد والإيمان.فكيف يقال إن القاعدة أصولية تضبط المسألة الاعتقادية؟ وإذا سلمنا بهذا، فأي قاعدة أصولية تُحَكم؟القاعدة على مذهب الأشاعرة أم القاعدة على مذهب المعتزلة؟

وقد يقال إن قصدنا بأصول الفقه أصول فقه أهل السنة والجماعة لا غيرها،لكن الأمر لا يصح حتى ولو كان قصد أبي الفضل عبد السلام بن عبد الكريم أصول فقه أهل السنة والجماعة،لأن أصولهم وإن كانت صحيحة مستمدة من الكتاب والستة وتقريرات السلف إلا أن ما تحمله من التعقيد والتفريع والتفصيل لا تحتمله نصوص العقيدة التي مبناها على الوضوح والفطرة والبيان.

خامسا:يعرف أصول الفقه بأنه مجموع القواعد والمناهج التي يستنير بها المجتهد والفقيه في استنباط الأحكام الشرعية العملية من الكتاب والسنة.مفهوم التعريف أن الأحكام العقلية والاعتقادية لا مكان لها في أصول الفقه،فلا تخضع لقواعد أصول الفقه، لأنها تطلب نصا لا استنباطا ولا تخضع للاجتهاد ولا تحتمله بحال.وهذه الفكرة التي جاء بها المصنف المذكور ونسبها على ابن تيمية تخالف هذا الذي استقر عند الأصوليين في تعريف أصول الفقه ومداره الذي يدور عليه.

خامسا:لم يقل أحد لا من السلف ولا من الخلف إن صحة اعتقاد المسلم يتوقف على تحكيمه لقواعد أصول الفقه في فهم العقيدة،ولم يقل احد منهم أيضا إن الصحابة ما فهموا العقيدة فهما صحيحا إلا بتمكنهم من علم الأصول وتنزيل قواعده على مسائل الاعتقاد.كلا لم يقل بهذا أحد.ذلك أن إقرارنا لعلم أصول الفقه ومعرفتنا به متأخران عن إيماننا بالله ومعرفتنا به وأخذنا لمسائل الاعتقاد.والصحابة كذلك لم تكن عندهم هذه الأصول بالشكل الذي استقرت به عليه عند المتأخرين.وإن كانت قواعد الاستنباط والتعامل مع النصوص حاضرة عندهم يتمثلونها في تنزيل النصوص على الوقائع والأحداث.

سادسا:إذا كان أصول الفقه جامعا لمسائل الاعتقاد ومسائل العمل،وإذا كانت القاعدة الأصولية تحكم المسألة الاعتقادية كما تحكم المسألة الفقهية،فكيف نفسر تلك الأخطاء التي وقع فيها بعض الأصوليين وخالفوا فيها ما استقر في أصول الدين والعقيدة وهي لم تقع منهم إلا إبان التنظير والتقعيد له؟؟[3] فكيف يصح أن يدعى ما ادعي؟؟

الحاصل: إن هذه الفكرة بهذا الإطلاق لا تصح،وإن صح تطبيق بعض القواعد اللغوية على مسائل الاعتقاد فإن هذا يرجع على القواعد التي قعده أهل اللغة والنحو واشترطوها لفهم الشريعة والعقيدة عموما،فيجب أن ننظر إليها بهذا المنظار أي أنها قواعد أهل اللغة والنحو،ولا نتكلف ونحملها على أنها قواعد أصولية.أما القواعد المنطقية فلا يصح تطبيقها على مسائل الاعتقاد بحال وكفى باسمها شاهدا على هذا.وما دخل الفساد في عقيدة المسلمين بعد القرون المفضلة إلا بإدخال أهل المقالات لعلم الكلام والمنطق والإلهيات في أصول الدين.والمصنف لا يخفى عليه موقفه ابن تيمية من هذا المسلك وبالضبط موقفه من علم المنطق وفي ذلك يقول:" والبليد لا ينتفع به والذكي لا يحتاج إليه ومضرته على من لم يكن خبيرا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه؛فإن فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء وكانت سبب نفاقهم وفساد علومهم"[4].كما أن لأصول الدين قواعده الخاصة به والتي تستقل عن قواعد أصول الفقه سطره السلف في كتبهم مثل كتب العقيدة الأولى على كثرتها،وكتاب الاعتصام للشاطبي ففيه أصول الإتباع والابتداع،وفيه كتابه الموافقات طرف من ذلك،وقبله كتب ابن تيمية نفسه فهي تطفو بقواعد التعامل مع نصوص الاعتقاد وغيرها كثير.

هذا ما لاح لي في هذا الموضوع،فما كان فيه من مخالفة الحق فأسأل أن يغفره لي،وأرجو من إخواني تنبيهي إليه ويعرض ما بان لهم في هذا الموضوع. واستغفر الله لما كتبت وأخطأت فيه ولا أعلم خطئي فيه.والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.










[1] قال محمد الأمين الشنقيطي في تعريفها:" اعلم أن دلالة الاقتضاء لا تكون أبداً إلا على محذوف دل المقام عليه , وتقديره لا بد منه لأن الكلام دونه لا يستقيم لتوقف الصدق أو الصحة عليه." مذكرة أصول الفقه


[2] وهذا أمر مشهور يبصره من اطلع على بعض كتبهم.ومن شك في هذا فلينظر على سبيل المثال اختلافهم في تعريف العلة وكيف أن كل أصولي تأثر بمذهبه العقدي في تعريفها.


[3] انظر أمثلة لهذا الأخطاء في كتاب " أخطاء الأصوليين في العقيدة" لباحث معاصر والكتاب مطبوع متداول، وإن كان فيه كثير من التهويل والتضخيم لا يوافقه عليه .


[4] المجموع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عبد الله
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
مشرف ملتقى الطلبة الباحثين



عدد المساهمات : 405
نقاط : 61416
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
العمر : 38

مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق Empty
مُساهمةموضوع: السلام عليكم   مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق I_icon_minitimeالأربعاء مارس 10, 2010 9:02 am

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد،فإن رأيي في هذه المسألة أفصله بعد أن أجملته كما يأتي:

إن هذه المسألة بهذا الإطلاق لا تصح لما يأتي:

أولا: إن المصنف في نسبته لهذه الفكرة -أي أن القاعدة الأصولية تحكم على المسألة الاعتقادية- إلى ابن تيمية رحمه الله تكلف في تأويل كلامه،واعتمد على نصوص عامة،ولم يأت بشاهد أو مثال يبين عمل ابن تيمية بهذه القاعدة وسيرها عليها.

ثانيا:نعلم جميعا أن أصول الفقه يستمد من ثلاثة علوم : أصول الدين والفقه واللغة العربية.والذي يعنينا هنا استمداده من أصول الدين،ومعنى استمداده من أصول الدين أن حجية الاستناد إلى أصول الفقه في استنباط الأحكام الشرعية لم يثبت إلا بعد الإيمان والإقرار بأركان الإيمان والعقيدة الستة،ذلك أن استنباط الأحكام الشرعية مثلا من الكتاب لا يتم إلا بعد الإيمان بمنزل هذا الكتاب والمعرفة بأسمائه وصفاته وهو الله عز وجل،إذ لا يتصور الاستنباط من القرآن ممن لا يؤمن بالله ولا يقر له باسمائه وصفاته،كما لا يصح أن يقول المجتهد: إني أستمد الأحكام من الكتاب وهو كلام الله لكني لا أؤمن بالله؟؟ فهذا محال غير ممكن.وما قيل في الكتاب صح في السنة -وهو ظاهر-ومثلهما الإجماع لأنه لم يقرر إلا بأدلة من الكتاب والسنة،ومن ينكر حجيته ينكر حجية الكتاب والسنة ودلالتها على المعاني،والعكس بالعكس،ومثله أيضا القياس وما تلاه من أصول الفقه،لأن مدارها كلها على الكتاب والسنة لا غير.

وجه الاستدلال من هذا كله أن أصول الفقه بالنسبة إلى أصول الدين،هي كنسبة الفرع إلى الأصل،ومعلوم أن الفرع لا يضبط ولا يحكم بحال على الأصل لأنه ما ثبت إلا بعد ثبوته، وإذا تبين ذلك فأصول الفقه فرع وأصول الدين أصل له، فهما لا يخرجان عن هذه القاعدة.وعليه فالقاعدة الأصولية لا تضبط المسألة الاعتقادية ولا تُحَكم فيها.

ثالثا:من المعلوم أيضا أن قواعد أصول الفقه التي ينتظمها نوعان: قواعد لغوية نحو العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمفسر وقواعد الأمر والنهي والحقيقة والمجاز... وقواعد منطقية نحو دلالة الالتزام والاقتضاء والتضمن والقياس وغيرها من المباحث.

ومن المقرر في الشريعة عند علمائها أن خطابها لا يفهم إلا بلغته التي أنزل بها وهي اللغة العربية.وأن العلماء -أيضا-لم يميزوا في نصوص الشريعة بين نصوص الأحكام الفقهية والأعمال وبين نصوص الاعتقاد والإيمان وغيرهما في خضوعها لتلك القواعد اللغوية.ولما كانت بعض أصول الفقه قواعد مستمدة من اللغة العربية فلا غرو أن تكون أصول الفقه ضابطة لمسائل الاعتقاد تماما كما تضبط مسائل الفقه والأحكام تخريجا على هذا الذي قرره العلماء.

وقد يقول قائل عن هذا إنه حجة عليك لا لك،نعم في ظاهر الأمر هو كذلك لكن الحقيقة خلاف ذاك.وبيان ذلك أن الأصوليين لما أخذوا من النحويين القواعد التي سطروها في علمهم وفنهم،لم يكتفوا بمجرد النقل لها وإعمالها كما قعدها أهل اللغة والنحو،بل زادوا عليها وهذبوها وأضافوا إليها تفريعات وتعقيدات لم تكن تخطر على بال اللغويين والنحويين أنفسهم.فاكتسبت نوعا من التعقيد والتفصيل لم تكن عليهما في السابق ومحل الوقوف على هذا التعقيد والتفصيل كتب الأصول.مما جعل تطبيقها – أي قواعد أصول الفقه اللغوية- على عموم نصوص الشريعة العملية و الاعتقادية بهذا الشكل الذي استقرت عليه عند أهل الأصول،أمرا فيه نوع من المجازفة والتكلف في تأويل نصوص الاعتقاد التي عهدنا بها أنها لا تحتمل كثيرا من التكلف والاستنطاق والمجازات.فمسائل الاعتقاد لا تحتاج إلى هذا التكلف في التأويل والتفسير،لأنها تؤخذ على ظواهرها.

وإذا تبين استحالة ذلك بالنسبة للقواعد اللغوية،استحال واستقبح كذلك -من باب أولى- في القواعد المنطقية كما يبدو من اسمها،فإن خطر تحكيمها في مسائل الاعتقاد والإيمان أمر ظاهر لا يخفى وحتى يتبن ذلك نضرب مثال واحدا لذلك:

إذا أخذنا مثلا قوله تعالى:"وكان الله عليما حكيما"،فإن ظاهر هذه الآية – وهكذا يتعامل مع نصوص العقيدة-يفيد أن لله عز وجل صفتان أو اسمان هما العلم والحكمة.فهذا أقصى ما يجب على المسلم أن يستنبطه من الآية وأمثالها،ويتوقف عنده دون تعمق ولا استنطاق.

وإذا أردنا أن نستنبط من الآية نفسها ما تدل عليه من أحكام ومعان باستعمال إحدى القواعد الأصولية المنطقية مثل دلالة أو قاعدة الاقتضاء[1]،فإننا نخلص إلى نتيجة ثانية زائدة على النتيجة الأولى،وهي :إن صدق اتصاف الله عز وجل بصفتي العلم والحكمة يتوقف على تقدير أمر محذوف اتصف به الله عز وجل ولم يذكر في الآية هو العقل،لأن العلم والحكمة لا يصدران إلا ممن اتصف بآلتهما وهي العقل.

وعليه فإن تطبيق دلالة الاقتضاء على هذه الآية خلص إلى أن العقل صفة من صفات الله عز وجل،لأن العلم والحكمة متوقفان عليه.

لكن هل هذه النتيجة وهذا الحكم المستنبط من الآية يقره ما ثبت في عقيدة المسلم من أنه لا يوصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم،والعقل لم يثبت في نص شرعي أن الله متصف به؟ كلا.

رابعا:إن الطريقة التي جرى عليها غالب التأليف في أصول الفقه هي طريقة المتكلمين المعتزلة والأشاعرة،فلا يقرون أصلا من أصول الفقه ولا يضعون تعريفات لبعض مصطلحات أصول الفقه إلا وتجدهم متأثرين في ذلك بمذهبهم العقدي[2] ،ولا يخفي أن الاعتزال والاشعرية مذهبان حائدان على طريقة السلف في الاعتقاد والإيمان.فكيف يقال إن القاعدة أصولية تضبط المسألة الاعتقادية؟ وإذا سلمنا بهذا، فأي قاعدة أصولية تُحَكم؟القاعدة على مذهب الأشاعرة أم القاعدة على مذهب المعتزلة؟

وقد يقال إن قصدنا بأصول الفقه أصول فقه أهل السنة والجماعة لا غيرها،لكن الأمر لا يصح حتى ولو كان قصد أبي الفضل عبد السلام بن عبد الكريم أصول فقه أهل السنة والجماعة،لأن أصولهم وإن كانت صحيحة مستمدة من الكتاب والستة وتقريرات السلف إلا أن ما تحمله من التعقيد والتفريع والتفصيل لا تحتمله نصوص العقيدة التي مبناها على الوضوح والفطرة والبيان.

خامسا:يعرف أصول الفقه بأنه مجموع القواعد والمناهج التي يستنير بها المجتهد والفقيه في استنباط الأحكام الشرعية العملية من الكتاب والسنة.مفهوم التعريف أن الأحكام العقلية والاعتقادية لا مكان لها في أصول الفقه،فلا تخضع لقواعد أصول الفقه، لأنها تطلب نصا لا استنباطا ولا تخضع للاجتهاد ولا تحتمله بحال.وهذه الفكرة التي جاء بها المصنف المذكور ونسبها على ابن تيمية تخالف هذا الذي استقر عند الأصوليين في تعريف أصول الفقه ومداره الذي يدور عليه.

خامسا:لم يقل أحد لا من السلف ولا من الخلف إن صحة اعتقاد المسلم يتوقف على تحكيمه لقواعد أصول الفقه في فهم العقيدة،ولم يقل احد منهم أيضا إن الصحابة ما فهموا العقيدة فهما صحيحا إلا بتمكنهم من علم الأصول وتنزيل قواعده على مسائل الاعتقاد.كلا لم يقل بهذا أحد.ذلك أن إقرارنا لعلم أصول الفقه ومعرفتنا به متأخران عن إيماننا بالله ومعرفتنا به وأخذنا لمسائل الاعتقاد.والصحابة كذلك لم تكن عندهم هذه الأصول بالشكل الذي استقرت به عليه عند المتأخرين.وإن كانت قواعد الاستنباط والتعامل مع النصوص حاضرة عندهم يتمثلونها في تنزيل النصوص على الوقائع والأحداث.

سادسا:إذا كان أصول الفقه جامعا لمسائل الاعتقاد ومسائل العمل،وإذا كانت القاعدة الأصولية تحكم المسألة الاعتقادية كما تحكم المسألة الفقهية،فكيف نفسر تلك الأخطاء التي وقع فيها بعض الأصوليين وخالفوا فيها ما استقر في أصول الدين والعقيدة وهي لم تقع منهم إلا إبان التنظير والتقعيد له؟؟[3] فكيف يصح أن يدعى ما ادعي؟؟

الحاصل: إن هذه الفكرة بهذا الإطلاق لا تصح،وإن صح تطبيق بعض القواعد اللغوية على مسائل الاعتقاد فإن هذا يرجع على القواعد التي قعده أهل اللغة والنحو واشترطوها لفهم الشريعة والعقيدة عموما،فيجب أن ننظر إليها بهذا المنظار أي أنها قواعد أهل اللغة والنحو،ولا نتكلف ونحملها على أنها قواعد أصولية.أما القواعد المنطقية فلا يصح تطبيقها على مسائل الاعتقاد بحال وكفى باسمها شاهدا على هذا.وما دخل الفساد في عقيدة المسلمين بعد القرون المفضلة إلا بإدخال أهل المقالات لعلم الكلام والمنطق والإلهيات في أصول الدين.والمصنف لا يخفى عليه موقفه ابن تيمية من هذا المسلك وبالضبط موقفه من علم المنطق وفي ذلك يقول:" والبليد لا ينتفع به والذكي لا يحتاج إليه ومضرته على من لم يكن خبيرا بعلوم الأنبياء أكثر من نفعه؛فإن فيه من القواعد السلبية الفاسدة ما راجت على كثير من الفضلاء وكانت سبب نفاقهم وفساد علومهم"[4].كما أن لأصول الدين قواعده الخاصة به والتي تستقل عن قواعد أصول الفقه سطره السلف في كتبهم مثل كتب العقيدة الأولى على كثرتها،وكتاب الاعتصام للشاطبي ففيه أصول الإتباع والابتداع،وفيه كتابه الموافقات طرف من ذلك،وقبله كتب ابن تيمية نفسه فهي تطفو بقواعد التعامل مع نصوص الاعتقاد وغيرها كثير.

هذا ما لاح لي في هذا الموضوع،فما كان فيه من مخالفة الحق فأسأل أن يغفره لي،وأرجو من إخواني تنبيهي إليه ويعرض ما بان لهم في هذا الموضوع. واستغفر الله لما كتبت وأخطأت فيه ولا أعلم خطئي فيه.والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.










[1] قال محمد الأمين الشنقيطي في تعريفها:" اعلم أن دلالة الاقتضاء لا تكون أبداً إلا على محذوف دل المقام عليه , وتقديره لا بد منه لأن الكلام دونه لا يستقيم لتوقف الصدق أو الصحة عليه." مذكرة أصول الفقه


[2] وهذا أمر مشهور يبصره من اطلع على بعض كتبهم.ومن شك في هذا فلينظر على سبيل المثال اختلافهم في تعريف العلة وكيف أن كل أصولي تأثر بمذهبه العقدي في تعريفها.


[3] انظر أمثلة لهذا الأخطاء في كتاب " أخطاء الأصوليين في العقيدة" لباحث معاصر والكتاب مطبوع متداول، وإن كان فيه كثير من التهويل والتضخيم لا يوافقه عليه .


[4] المجموع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسألة علمية دقيقة تحتاج النقاش فالمرجو الالتحاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى وموقع نادي الإمام مالك العلمي :: القسم العام :: المنبر الدعوي-
انتقل الى: