إختصارات قبيحة لعبارات شرعية
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني يقع كثير من طلبة العلم فضلا عن عامة الناس في اختصار قبيح ومخل بالمعنى لكثير من العبارات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه ، فأحببت أن أسوق شيئا من ذلك في هذه العجالة عسى أن ينتفع بذلك من يقرأ الموضوع ، فمن ذلك :
1- قولهم " صلسلم" لفظا أو "صلسم" أو "ص" كتابة ،حين يصلون على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا يشك مسلم في قبح ذلك وانه سوء أدب مع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وأن قائل ذلك لا يكون من الممتثلين حقا لأمر ربنا تبارك وتعالى في قوله : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب :56 وقد أشار الحافظ ابن الصلاح رحمه الله إلى شيء من ذلك في مقدمته ، والشيخ العلامة ابن عثيمين في بعض أشرطته ولا يحضرني الآن عنوان الشريط .
2-يلاحظ على كثير من الشباب إذا سلم عليه أحدهم أنه يجيب اختصارا بقوله :" السلام " أو " السلام ورحمة الله " والواجب عليه أن يأتي بالعبارة كاملة هكذا : " وعليكم السلام " أو " وعليكم السلام ورحمة الله " وهو في الحقيقة باختصاره المخل يكون مخالفا لأمر الله تبارك وتعالى : ( و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا ) النساء:86.
3- نسمع كثيرا من الناس إذا أسدى إليهم أحد معروفا أو قدم إليهم خدمة ما ، شكروه بهذه العبارة : "الله يجازيك" . وهذا اختصار مخل ما ينبغي لأنه موهم ، إذ أن الجزاء يكون بالثواب ويكون بالعقاب ، قال الله تبارك وتعالى : ( ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا ) الكهف : 106 ،وقال تعالى : ( مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا . ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا ) الإسراء :97-98 ، وقال أيضا : ( كذلك نجزي كل كفور ) فاطر : 36 . والآيات في هذا المعنى كثيرة . وهذا الذي تعرفه العرب من كلامها ومن أمثلة ذلك المثل السائر : " هذا جزاء سنمار" .فالواجب إذن تقييد العبارة هكذا : "الله يجازيك خيرا" .، تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من صنع إليه معروف،فقال لفاعله:جزاك الله خيرا ،فقد أبلغ في الثناء" (الترمذي:كتاب البر والصلة،باب ما جاء في الثناء بالمعروف،رقم2035) وصححه الألباني في (صحيح الجامع رقم6368) . وهكذا كان السلف يشكر بعضهم بعضا بهذه العبارة المباركة ، من ذلك قول أسيد بن حضير رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها :"جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا" متفق عليه.ومن ذلك أيضا قول أبي هريرة رضي الله عنه :"كان يمر بآل النبي صلى الله عليه وسلم هلال ثم هلال لا يوقد في شيء من بيوتهم النار لا لخبز و لا لطبيخ" فقالوا بأي شيء كانوا يعيشون يا أبا هريرة ؟ قال : بالأسودين التمر والماء وكان لهم جيران من الأنصار و جزاهم الله خيرا لهم منائح يرسلون إليهم شيئا من لبن." (مسند أحمد رقم 8881) . ومن ذلك أيضا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال :" حضرت أبي حين أصيب، فأثنوا عليه وقالوا جزاك الله خيرا..."متفق عليه واللفظ لمسلم . وسرد الأمثلة يطول وبهذا القدر كفاية والله أعلم .
4- وقريب من الذي سبق قولهم:"وفيك بركة" لمن قال :"بارك الله فيك" ، وهذا أيضا اختصار مخل -فيما يظهر لي- فالواجب الرد بصيغة:"وفيك بارك الله" أو "وفيك بارك" بإضمار اسم الجلالة ، لأن المحل محل دعاء وثناء ، لا محل إخبار كما يتبادر من الصيغة الأولى . والله سبحانه أعلى وأعلم.
وللحديث بقية ستأتي بإذن الله