القاعدة الأولى: لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه
ويعبر عنها أيضا بقولهم :" لا إنكار في مسائل الخلاف" ومعناها أن الخلاف بين العلماء إذا كان مشروعا سائغا وحصل في محله وكان لكل فريق أدلته،فإنه لا
يجوز الطعن في المخالف أو تبديعه أو تضليله أو...أما المخالف في مسائل الإجماع أو المجتهد في غير موطن الاجتهاد أو المخالف بغير دليل أو المخالف خلاف تضاد،فإن خلافه ينكر ولا يقبل منه بحال،إذ: ليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر
القاعدة الثانية:لا مشاحة في الاصطلاح
يقصد بها أن مصطلحات أهل العلم وتعريفاتهم وحدودهم إذا اختلفت في المبنى واتفقت في المعنى،فإن ذلك لا يؤبه به بل ينظر إلى المقصود ويؤخذ به،ولا ينكر
اصطلاح العالم ما لم يكن مخالفا لمعهود العرب أو الشرع،فإن وقعت المخالفة لهذين،وجب منع ذلك المصطلح والاستعاضة عنه بغيره.فليست القاعدة على اطلاقها فليتنبه لذلك.
القاعدة الثالثة:عدم العلم بالشيء ليس علما بالعدم أو عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود1 أي أن جهل أحد الناس بحديث مثلا:لا يعني أن هذا الحديث لا يوجد أو لا يعلمه أحد،وعليه لا يجوز لك أن تحتج بعدم علمك به على فعل أو ترك،فإن جهلته أنت
فغيرك يعلمه.فلو قيل لك مثلا:"لا تشرب الخمر" -وأنت لا تحفظ نصا ينهى عن شرب الخمر-فإنه لا يجوز لك أن تقول :إني لا أعلم حديثا أو آية ينهيان عن شرب
الخمر.لأن جهلك بالشيء ليس دليلا شرعيا
القاعدة الرابعة: العلم بالشيء لا يقتضي العلم بكيفيته أو صفته
مثال ذلك: نحن نقر أن لله عز وجل ذاتاً كريمة وصفات عُلى،فهذا حق ويقين لا ينكره إلا ضال أو مبتدع.لكن علمنا بهذه الذات وهذه الصفات لا يستلزم أن نعلم
بكيفياتها وحقائقها،بل نصدق باتصاف الله عز وجل بهذه الصفات وهذه الذات وإن جهلنا كيفياتها وحقائقها.فالعلم بكيفية الشيء وماهيته التي هو عليها ليس شرطا في
صحة واكتمال العلم بالشيء نفسه من حيث هو
القاعدة الخامسة: لا تحكم الأخطاء في أقدار الرجال
أي أنه: إذا حصلت من العالم الذي له قدم حسن وآثار صالحة وفضل وسبق في الإسلام هفوة أو زلة،فإنه لا ينتقص منه أو يقدح فيه أو يشنع عليه...بل يلتمس له
العذر وينصح ويؤخذ عنه ما أصاب فيه ويرد عليه خطؤه،ولا يقتدى به في هفوته وزلته.فإن الكمال عزيز والخطأ لا يسلم منه أحد،فلا معصوم إلا من عصم الله.
ا
لقاعدة السادسة:الدليل يؤخذ مأخذ الافتقار لا مأخذ الاستظهار
معنى ذلك أنك تستدل على المسألة من الشرع قبل أن تعتقدها وتتبناها،أي تستنطق الدليل وتقتبس منه ما دل عليه من أحكام ثم تعتقد ذلك وتتبناه،ولا تعتقد وتتبنى
فكرة أولا ثم تصير إلى الأدلة لتنظر ما يوافق فكرتك وتستظهر به على صحة فكرتك ومذهبك،فإن ذلك شأن الزائغين أصحاب الهوى كما قال الشاطبي رحمه الله 2
.
القاعدة السابعة:الحكم على الشيء فرع عن تصوره3 وعبر عنها الخضر الجنكي الشنقيطي في كوثر المعاني الدراري بقوله:"الحكم على الشيء ردا وقبولا فرع عن كونه مقبولا".معنى ذلك أنه قبل أن تحكم على
الشيء بالرد والبطلان والفساد أو القبول والصحة والصلاح،فلابد أن تتصور حقيقته وماهيته وواقعه الذي هو عليه،لأنك في حالة عدم التصور تحكم بجهل وظلم
وهذا مسلك غير مستقيم في التعامل مع الأشخاص والأفكار والعقائد،فلابد من التصور أولا ثم الحكم ردا أو قبولا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرد على المنطقيين لابن تيمية ص 92
2 الموافقات3/77
3انظر كتاب التأصيل العلمي لفقه الواقع لسعيد بيهي