السلام عليكم
إن كنت تقصد صلاة الجمعة فإن الاصل أن الخطيب هو من يصلي، لكن لا أظن أن هناك بأسا في استخلاف غيره خصوصا عند الحاجة والضرورة والله أعلم.
وهنا أنقل لك تاصيل هذه المسألة من كتاب الشامل في فقه الخطبة والخطيب للشيخ سعود الشريم ص 411:
98- هل يجوز أن يتولى الصلاة من لم يتولى الخطبة ؟ :
السنة أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة . لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولاهما بنفسه ، وكذلك خلفاؤه من بعده .
ولهذه المسألة عند أهل العلم صورتان :
الصورة الأولى :
أن يخطب رجل ويصلي آخر . فللإمام أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات :
الرواية الأولى : جواز ذلك للعذر ، نصَّ عليه لأنه إذا جاز الاستخلاف في الصلاة الواحدة للعذر ففي الخطبة مع الصلاة أولى .
الرواية الثانية : أنه إذا لم يكن هناك عذر فقد قال أحمد : لا يعجبني من غير عذر . وهذا يحتمل المنع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولاهما ، وقد قال : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ( (1228) رواه البخاري الأذان ، باب 18 رقم ( 361 ) . 1228) ، ولأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين . ويحتمل الجواز ، لأن الخطبة منفصلة عن الصلاة فأشبهتا صلاتين .
والرواية الثالثة : أنه لا يجوز الاستخلاف لعذر ولا لغيره ، لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه . لكن الرواية الأولى هي المقدمة في المذهب ( (1229) انظر : المغني ( 3 / 178 ) ، الإنصاف ( 5 / 233 ) . 1229) .
وبالجواز والصحة قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين ( (1230) انظر : الشرح الممتع ( 5 / 76 ) . 1230) .
وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ( (1231) انظر : البدائع ( 2 / 203 ) ، المدونة ( 1 / 235 ) ، المجموع ( 4 / 402 ) ، الشرح الكبير ( 5 / 231 ) . 1231) . لكنهم اختلفوا : هل يشترط أن يكون المصلي ممن حضر الخطبة أو لا ؟ . فيه روايتان عند الحنابلة :
إحداهما : أنه يشترط ، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي وأبي ثور وهو أحد القولين عند الشافعية ، وهو المذهب لدى جمهورهم ( (1232) انظر : المغني ( 3 / 178 ) ، انظر : البدائع ( 2 / 203 ) ، المجموع ( 4 / 402 ) . 1232) ، لأنه إمام في الجمعة فاشترط حضوره الخطبة كما لو لم يستخلف .
والرواية الثانية : لا يشترط ، وهو قول الأوزاعي والشافعي ( (1233) انظر : الإنصاف ( 5 / 233 ) ، المجموع ( 4 / 402 ) ، الأم ( 1 / 354 ) . 1233) ، لأنه ممن تنعقد به الجمعة فجاز أن يؤم فيها كما لو حضر الخطبة .
الصورة الثانية :
أن يحدث الخطيب في الصلاة ويستخلف من لم يحضر الخطبة .
فعند الحنفية والمالكية وهو قول الشافعي ، وأصح الوجهين عند أصحابه ، وأصح الروايتين عند الحنابلة ، أنها تصح وتكون جمعة ولو لم يحضر المستخلف الخطبة ( (1234) انظر : البدائع ( 2 / 203 ) ، المدونة ( 1 / 235 ) ، الأم ( 1 / 354 ) ، المجموع ( 4 /401 ) ، الإنصاف ( 5 / 234 ) .1234) ؛ لأن تحريم الأول انعقدت للجمعة لوجود شرطها وهو الخطبة .
هذا حاصل الكلام عن هذه المسألة ، والله تعالى أعلم .
تنبيه :
قال شيخنا العلامة محمد بن عثيمين : " هل يشترط أن يتولى الخطبة الواحدة واحد ؟ أي : لو أن رجلاً خطب الخطبة الأولى في أولها ، وفي أثنائها تذكر أنه على غير وضوء مثلاً فنزل ، ثم قام آخر وأتم الخطبة ؟ لم أر حتى الآن من تكلم عليها ، ولكنهم ذكروا في الأذان أنه لا يصح من رجلين أي : لا يصح أن يؤذن الإنسان أول الأذان ، ثم يكمله الآخر ؛ لأنه عبادة واحدة ، فكلما أنه لا يصح أن يصلي أحد ركعة ، ويكمل الثاني الركعة الثانية ، فكذلك لا يصح أن يؤذن شخص أول الأذان ويكمله آخر ، أما الخطبة فقد يقال : إنها كالأذان أي : لابد أن يتولى الخطبة الواحدة واحد ، فلا تصح من اثنين ، سواء لعذر أو لغير عذر ، فإن كان لغير عذر فالظاهر أن الأمر واضح ؛ لأن هذا شيء من التلاعب .
وإذا كان لعذر : مثل أن يذكر الإمام الذي بدأ الخطبة أنه على غير وضوء ، ثم ينزل ليتوضأ ، فهنا نقول الأحوط أن يبدأ الثاني الخطبة من جديد ، حتى لا تكون عبادة واحدة من شخصين " ( (1235) انظر : الشرح الممتع ( 5 / 76 ) . 1235) . اهـ
والسلام