ما رايك في المراقبة المستمرة التي تمت في مادة السيرة

هذا هو منهج الدكتور الرغيبي في اجراء المراقبة المستمرة عموما ..

أما فيما يخص موضوع المراقبة على مستوى الأسئلة بالنسبة للفوج الأول أو الثاني فقد كانت مباشرة ومما شرحه الدكتور جزاه الله عنا كل خير..

ما ذكرته أخي في الجواب هو صحيح ان شاء الله .. وتقريبا كان جواب كل من تابع مع الدكتور هذه القصة وآراء المحدثين فيها..

فقصة سفر النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى الشام وردت بطرق عدة .. بعضها يقوي بعضا ..

إلا أن ما وقع في هذا السفر من أحداث اختلف فيه .. فهناك من أنكرها كالذهبي في "السيرة النبوية" .. وهناك من قال أن السفر صحيح ووارد لكن الوهم والخطأ وقعا في كثير من جوانبها..

وقد أنكر الذهبي القصة سواء على مستوى المتن أو السند .. وقال الإمام أحمد والإمام يحيى بن معين أن القصة ترجع إلى قُراض التابعي وأطول من رواه هو الترمذي وقال حديث حسن غريب..

وقال الإمام الترمذي والألباني وغيرهم ... أن القصة واقعة ولكن ليس بالصورة التي تحكيها كتب التاريخ .. والقصة فيها تحريف ولم يوفقوا في تصحيحه مع ذلك..

ومما يدل على أن القصة تشوبها بعض الأغلاط قولهم أن أبا بكر أرسل بلالا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر كان يصغر النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين " وعمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سافر كان عمره اثنا عشر عاما" ولا يعقل أن يملك بلال وإلى حدود هذا التاريخ لم يولد بلال وأبو بكر لم يعتقه في هذه الفترة..

وقال ابن القيم وقع وهم في الرواية .. وقال الألباني وقع خلط والتباس على الراوي..

والذي وقع أيضا هو القراءة التحريفية للنص .. يقال أن عمه أرسل معه رجلا عندما طلب منه بحيرا ونصحه بأن يرجعه.. ولا يذهب به في رحلة تجارته وهذا مستبعد.. وابن القيم رحمه الله قال أن هناك تداخل..
وقيل كانت تظل الرسول صلى الله عليه وسلم غمامة ومالت إليه الشجرة لتظله..
فرد الذهبي : كيف تميل إليه الشجرة لتظله صلى الله عليه وسلم في ظل .. فكيف يبحث عن ظل آخر..
وقال الإمام الذهبي في الحديث ألفاظ سوقية وطرقية واعترض بقوله : هذا في كلام الرهبان وليس في كلام الأنبياء..
وقال الذهبي أن أحدا من شيوخ قريش لم يذكر هذه القصة وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكرها وزيادة على ذلك لماذا تفاجئ عند نزول جبريل عليه بالوحي مع علمه أن بحيرا تنبأ له بالنبوة..
ورُدَّ عليه بقولهم: أن من عاش القصة قد يكونون ماتوا ، والرسول صلى الله عليه وسلم نسي القصة..
وقال الذهبي أن بحيرا حذر أبا طالب من احضار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشام .. وبعد سنين سافر صلى الله عليه وسلم إلى الشام؟..
ورُدّ عليه : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان صبيا يُخاف عليه حين سفره الأول .. وفي سفره الثاني سافر صلى الله عليه وسلم حين كان رجلا يستطيع الدفاع عن نفسه .. كما أن هناك كلام كثير عند ابن كثير والترمذي وغيرهم في أصل هذه القصة..
ثم أن الذهبي قال : أن اسم الراهب اختلف فيه .. فمرة يتحدثون عن بحيرا .. ومرة عن جرجيس..
وهناك بعض الروايات أن بحيرا كان يسأله النبي صلى الله عليه وسلم أسئلة دقيقة وهنا يطرح سؤال ؟ لماذا لم تتحدث العرب عن كون الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ علمه من بحيرا الراهب؟
وقد اعتبر الألباني القصة واقعة مع اسقاط ما شابهها من دخل وصححها..
هناك قول آخر : لماذا غُيب النبي صلى الله عليه وسلم من القصة ولم يتحدث قط؟
فالحدث غير منكر .. ولكن البناء عليه صعب..
وما هو مؤكد أن سفر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام ثابت وصحيح والتقاؤه ببحيرا الراهب قد يكون صحيحا
وما ننفيه هو ادعاؤهم أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى من بحيرا ما عنده في الكتب السابقة .. بل وحتى مدة التقاءه صلى الله عليه وسلم كانت قصيرة.. ثم هناك حاجز اللغة بين بحيرا والنبي صلى الله عليه وسلم..
مع أن بعض المستشرقين استغلوا هذه الواقعة : مثلا : "حياة محمد " لكوستاف فلوفان - فادعوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ علمه من بحيرا..
وما هو مؤكد أيضا أنه توجد علامات النبي المنتظر في الكتب السابقة لكن اليهود حاولوا طمسها ظانين أنه سيكون منهم..
ونخلص أن قراءة الإمام الذهبي للنص تدل وتثبت اهتمام العلماء والمحدثين بالسند والمتن معا .. وأيضا تحليلهم العلمي للنصوص المتناولة .. واختلافهم كان اختلافا علميا ولم يوقعهم في تخاصم..

كان هذا موجزا حول الإجابة .. وأتمنى التوفيق للجميع..