وقد كنت جمعت قطوفا من كلام أهل العلم لأخوتي الطلبة؛ طلبة كلية الشريعة في بداية هذه الفتن لكن لم يتيسر لي نشرها بينهم في ما يخص المظاهرات فكانت هذه الفرصة التي تعرفت فيها على هذا المنتدى و المنبر الوحيد للكلية فأحببت أن أنشرها بين متصفحيه وهذا نص ما قد جمعت :
قال الشيخ العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:" طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل الجاهل يعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل"انتهى.
إن المظاهرات و الإعتصامات والإضرابات عمل بدعي غير مشروع بل حرام في دين الله لما يترتب عليه من المفاسد أعظمها الخروج على الحكام وما يترتب عليه في الدنيا والأخرة، وتعطيل مصالح العباد، و بسبب هذه المفاسد الكثيرة التي لا يتسع المقام لذكرها كان لأهل السنة والجماعة الموقف الموحد ـ من هذه الأساليب الجاهلية ـ على مختلف بلدانهم وتعدد أقطارهم. و إليك أخي القارئ المنصف بعض فتاويهم في هذه الجرثومة الدخيلة على أمتنا الاسلامية التي تبانها للأسف حتى من يدعي الاسلام بل والسنة والله المستعان، وما هذاالذي نقلت لك هنا إلا غيضا من فيض، وإليك كلامهم ليتبين لك سبب موقفهم الموحد، وليتبين لك زيغ من خالفهم ممن يسيرون على منهج الخوارج و المعتزلة والرافضة، الملبسين على الناس أنهم من أهل السنة، والسنة براء منهم و لتقول لهم كما قال صاحب ليلى: كل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك.
فكل يقول أنه سني ومن أهل السنة ولكن تفضحهم الفتن و ينكشف عوارهم في الامتحانات المتتالية.
قال فضيلة الشيخ مُقبل الوادعي اليمني رحمه الله
(وقد كنت بحمد الله أحذر من تلكم التظاهرات في خطب العيد وفي خطب الجمعة ))
سؤال:ما حكم المظاهرات في الإسلام؟ ألها أصل شرعي أم أنها بدعة اقتبسها المسلمون من أعداء الإسلام؟
جـواب: لا، هي بدعة وقد تكلمنا على هذا في «إلحـاد الخميني في أرض الحرمين»، وذكرنا أن الآيات القرآنية تدل على أن التظاهر يكون على الشر، وهناك آية وهي قوله تعالى:" وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِير " والظاهر أنها من باب المشاكلة، فليراجع في مقدمة «إلحـاد الخميني في أرض الحرمين»، وهي نعرة جاهلية اقتدى المسلمون فيها بأعداء الإسلام، وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول ":لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوالقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فما تجد سنيًّا يحمل لواء هذه المظاهرة، ولا يدعو إلى هذه المظاهرات إلا الهمج الرعاع، وماذا يستفيد المجتمع، فالعراق يقصف بالطائرات والمظاهرات في شوارع اليمن أو غيره، ولقد أحسن أحدهم إذ يقول:
هيهات لا ينفع التصفيق ممتلأ به الفضاء ولا صوت الهتافات
فليحي أو فليمت لا يستقيم بها شعب ولا يسقط الجبار والعاتي
يا أسكت الله أفواهًا تصيح له فكم بلينا بتصفيق وأصــوات
وكم خطيب سمعنا وهو مندفع وما له أثـــر ماضٍ ولا آت
قال:" فإن المظاهرات ليست بمشروعة وهكذا الإضرابات ليست بمشروعة"
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي السابق للسعودية رحمه الله سئل رحمه الله: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيدا في سبيل الله؟
فأجاب :" لا أرى المظاهرات النسائية و الرجالية من العلاج، ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير، بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم، وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة والمشافهة مع المخطئين ومع الأمير ومع السلطان، بالاتصال به و مناصحته والمكاتبة له، دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان )
ـ قال الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء:
سؤال : أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، أسئلة كثيرة تسأل عن حكم المظاهرات والإعتصامات في إقامتها وعن حكم الدعوة إليها في بلاد المسلمين ؟
الجواب : المظاهرات ليست من عمل المسلمين ولا عرفت في تاريخ الإسلام المظاهرات والإعتصامات، هذه من أمور الكفار، وهي فوضى لا يرضى بها الإسلام، هذه من الفوضى، الإسلام دين انضباط، ودين نظام، وهدوء، ماهو دين فوضى، و تشويش، فلا تجوز المظاهرات ولا الإعتصامات.
قال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح عثيمين رحمه الله:
السؤال: بالنسبة إذا كان الحاكم يحكم بغير ما أنزل الله ثم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرة تسمى اعتصامية مع ضوابط يضعها نفسه – الحاكم- و يمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل، و إذا أُنكر عليهم هذا الفعل قالوا نحن ما عارضنا الحاكم و نفعل برأي الحاكم؛ هل يجوز هذا شرعا مع وجود مخالفة النص الله يحفظكم ؟
الجواب: عليك باتباع السلف إن كان هذا موجودا عند السلف فهو خير، و إن لم يكن موجودا فهو شرّ؛ و لا شك أن المظاهرات شرّ لأنها تؤدي إلى الفوضى؛ لا من المتظاهرين و لا من الآخرين، و ربما يحصل فيها اعتداء إما على الأعراض و إما على الأموال و إما على الأبدان، لأن الناس في خضام هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران ما يدري ما يقول و لا ما يفعل؛ فالمظاهرات كلها شرّ سواء أذِن فيها الحاكم أم لم يأذن؛ و إن أذن بعض الحكام بها ما هي إلاّ دعاية، و إلاّ لو رجعت إلى ما في قلبه لكرهها أشد الإكراه، لكن يتظاهر كما يقولون بأنه دمقراطي و أنه فتح باب الحرية للناس؛ و هذا ليس من طريق السلف.
قال الشيخ محمد الفيفي عضو مركز الدعوة والإرشاد:المظاهرات أمر دخيل على الأمة الإسلامية مأخوذ عن غير المسلمين، ولعل أهم المفاسد المترتبة على المظاهرات هي مخالفتها للشرع، إن المفاسد المترتبة على المظاهرات هي أعظم وأكبر من هذه المصالح المزعومة.
قال العلاَّمة عبد المحسن العباد – المدرس بالمسجد النبوي: وقد كان سُئل اليوم الاثنين 11 ربيع الاول 1432هـ الموافق 14- 2- 2011 وهذا هو نص السؤال السابق:شيخنا جزاك الله خيراً أنا من ليبيا وقد حدد الناس يوم الأربعاء أو الخميس للخروج للمظاهرات في الشوارع فنريد منكم نصيحة وبياناً عن حكم المظاهرات والمسيرات التي يقال عنها سلمية لعل الله عز وجل أن ينفع بهذه النصيحة وجزاك الله عنا خيراً.
جواب الشيخ: لا أعلم شيئا يدل على مشروعية هذه المظاهرات، لا نعلم أساساً في الدين يدل على هذه الأشياء، وإن هذه من الأمور المحدثة، التي أحدثها الناس والتي استوردوها من أعدائهم من البلاد الغربية والشرقية، يعني ليس لها أساس في الدين، ولا نعلم شيئاً يدل على جوازها وعلى مشروعيتها، لهذا الناس يسلكون المسالك الشرعية التي شرعت لهم ويتركون الأشياء التي ليس لها أساس ويترتب عليها أضرار، ويترتب عليها مفاسد ويترتب عليها قتل ويترتب عليها تضييق، لو لم يكن من أضرارها إلا التضييق على الناس في طرقاتهم وفي مسيراتهم لأن ذلك يكون كافياً في بيان سوءها وأنه ليس لأحد أن يقدم على مثل هذه الأشياء.
سؤال : هل يمكن القول بان المظاهرات والمسيرات تعتبر من الخروج على ولي الأمر ؟
جواب الشيخ : لا شك إنها من وسائل الخروج، بل هي من الخروج لا شك.
قال عبد العزيز آل الشيخ المفتي الحالي للسعودية: ...أيها المسلمون إن من أسباب الغواية والضلال إثارة الفتن بين الشعوب و الحكام في هذه المظاهرات و المسيرات التي لا هدف لها ولا هدف لها حقيقيا ولا حقيقة لها إنما هي أمورا جينا بها لضرب الأمة من صميمها وتفريق كلمتها وتشتيت شملها وتقسيم بلادها والسيطرة على خيراتها يعلم ذلك من يعلمه ويجهله ذلك من يجهله إن لها نتائج سيئة وعواقب وخيمة بها تسفك الدماء وبها تتنتهك الأعراض وتسلب الأموال ويعيش الناس في رعب وخوف وضلال. شباب الأمة لنتق الله في انفسنا ولنتبصر في واقعنا ولنعلم أن عدونا لا يريد لنا خيرا و لا يقصدنا خيرا إن هذه الغوغائية التي نسمعها من هنا و هناك إنما جاءت بتدبير من أعداء الإسلام و الذين هم مطيعون لهم ويخضعون لهم ويظنون النصر من ورائهم، وليس ورائهم نصح. فلنتق الله في أنفسنا و لنكن على حذر من مكائد أعدائنا ولا يخدعنا ما نسمعه أو يروج لنا أو تجسد الأحداث إنما المقصود و الهدف و الغاية منها اضعاف شعوب الأمة إضعاف الشعوب و السيطرة عليها و إشغالها بالترهات عن مصالحها و مقاصدها و غاية أمرها.
قال الشيخ صالح بن سعد السحيمي المدرس بالمسجد النبوي: مهما كان الحاكم ومهما كان الظلم ومهما كانت المخالفات فالدخول في المظاهرات عمل يهودي ماسوني ليس من عمل المسلمين ولا يقره الإسلام وليس عليه دليل من الشرع ولا نلتفت إلى من يفتي به من الذين يتسرعون، حتى الذين قتلوا أنفسهم يقولون أنهم شهداء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول من قتل نفسه فهو في النار، فنبرأ إلى الله من هذه الفتاوى ومن أهلها، وإن تحدثوا من قناة الخسيرة أو غيرها من القنوات الفاسدة المفسدة ـ هذا الكلام أيضا أنقلوه عني ـ ويكفي أن هذه المظاهرات تأيدها ثلاث جهات: الغرب بمن فيهم أمريكا وأوروبا بكافة دولها، و الرافضة سواء كان منهم في إيران أو حزب الشيطان أو غيرهم في بلاد الشام وغير ذلك، أوكذلك ـ الأمر الثالث الذين يؤيدونهم ـ العلمانيون واللبراليون والملاحدة الذين يريدون أن يمسخوا الدين ويريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. فأبلغوا الإخوة بأن الدخول في هذه المظاهرات أوالإضرابات مهما كان الحاكم، هذا عمل غير صحيح يُمَكّن لأعداء الإسلام من الدخول في صفوف المسلمين. ويكفي أنها في بعض البلاد اختلط فيها الحابل بالنابل؛ الرافضي مع اليهودي مع النصراني مع أدعياء السنة مع الغوغائيين مع الزناة واللوطيين ومع العلمانيين واللبراليين ومع سائر المجرمين الذين يدخلون في مثل هذه المظاهرات. فأصي نفسي وإخوتي أهل السنة ألا يدخلوا فيها وأن يلزموا بيوتهم وأن يبتعدوا عن هذه الفتن، إذا اعتدي عليهم يدافعون على أنفسهم، أما أن يدخلوا في هذه المظاهرات مهما كانت المظالم، ومهما كانت الأمور، فإن ذلك لا يقره الشرع، بل هو مبدأ من مبادئ الماسونية الصهيونية العالمية. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي اليمني : سائل يقول: نحبكم في الله، ما رأيكم في مقولات محمد حسان في تجويزه للمظاهرات والخروج؟، وهل تنصحوننا بسمع أشرطته وبقراءة كتبه؟.
الجواب: لا، لا ننصحكم بسماع أشرطته ولا بقراءة كتبه، فالذي يدعو للمظاهرات والخروج على الحاكم المسلم وإن كان ظالمًا يعتبر من الخوارج، فمن دعا إلى هذا أو أفتى به أو أجازه إنما هو يفصح عن نفسه أنه من الخوارج، لأن هذه طريقة الخوارج وهم من أصحاب البدع والأهواء .أما أهل السنة فإنهم ينصحون الناس بالصبر، والظلم لا يدوم، الله سيزيله من عنده، فهم يصلحون أنفسهم أعني: أهل السنة، ويدعون الناس إلى إصلاح أنفسهم والرجوع إلى الله حتى يفرج الله لهم. الخروج بهذه المظاهرات، هذه المظاهرات وافدة علينا ليست من ديننا، إنما هي يهودية ونصرانية.
قال عبداللطيف بن أحمد العراقي: ومما يدل على تحريم التظاهرات هو أنه نوع من الخروج على السلطان وهذا محرم بالإجماع وبأحاديث كثيرة، ومنها على سبيل المثال
مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُعَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ). رواه مسلم
فإن قيل لنا هذه الأحاديث التي توجب طاعة السلطان في المعروف وتحريم الخروج عليه خاص بالإمام العادل.
قلنا: كلامكم هذا أيها الثوار الحركيُّون مخالف للأحاديث الصحيحة التي نصّت على تحريم الخروج على أمراء الجور الذين لا يهتدون بهداه عليه الصلاة والسلام، والتي منها:
• قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ «نَعَمْ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ». رواه مسلم.
عن عدي بن حاتم قال: " قلنا يا رسول الله لا نسألك عن طاعة من اتقى ولكن من فعل وفعل فذكر الشر فقال: اتقواالله واسمعوا وأطيعوا " السنة لابن أبي عاصم وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِى أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ قَالَ «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ ». رواه البخاري و مسلم.
وقال ابن تيمية: "إن مصير الأمر إلى الملوك ونوابهم من الولاة، والقضاة والأمراء، ليس لنقص فيهم فقط، بل لنقص في الراعي والرعية جميعا فإنه "كما تكونون: يول عليكم" وقد قال الله تعالى: [وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا]. مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 20/35
وقال الامام ابن القيم رحمه الله في كتابه "مفتاح دار السعادة": وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم، بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم، فإن استقاموا استقام ملوكهم. وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جار ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر منهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك، وأن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها عليهم، وإن أخذوا ممن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذ منهم الملوك ما لا يستحقونه، وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فَعُمّالُهُم ظَهَرت في صور أعمالهم، وليس في الحكمة الإلهية أن يولي على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم، ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها، كان ولاتهم كذلك، فلما شابوا شاب لهم الولاة، فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية، وعمر بن عبدالعزيز فضلا عن مثل أبي بكر وعمر، بل ولاتنا على قدرنا، وولاة من قبلنا على قدرهم، وكل الأمرين موجَب الحكمة ومقتضاها. اهـ
قال الشيخ خالد عبد الرحمان المصري:"... وماذا فعل الحجاج أيضا جاء إلى بيت الله ورمى بيت الله في قتاله وذبح ابن الزبير صحابي النبي عليه الصلاة والسلام وعلقه منكوسا كما رواه أحمد قال الألباني صحيح ورمى الكعبة بالمنجنيق، وقد روى البخاري باسناده الصحيح إلى أبي ضمرة لما احترق بيت الله أتيت ابن عباس قال فلما عرفني وأنس واطمئن إلي قال فتكلمت معه فقلت وذكرت ما حصل و سببت الحجاج فقال لي ابن عباس لا تكن للشيطان عونا أي لا تكن للشيطان عونا على الحجاج فتسب الحجاج إذن كيف كان هؤلاء الرجال، وكما في صحيح مسلم يرسل الحجاج إلى إبن عمر يستفتيه كيف يؤدي مناسك الحج فيجيبه ابن عمر ويمر ابن عمر على ابن الزبير كما في صحيح مسلم وقد قتل معلقا منكوسا على الجذر ويقول والله بعد أن يذكر ثناءه على ابن الزبير أنه كان صواما و صولا للأرحام... و الله قد كنت أنهاك عن ذلك قد كنت أنهاك عن ذلك قد كنت أنهاك عن ذلك، فأين كلامه في الحجاج وأين خروج هؤلاء وأين مظاهرات و أين المصالح الكاذبة التي يظنها الجهلاء السفهاء أتباع كل ناعق بين خارجي ضال و بين معتزلي يرد النصوص بعقله إن هذا الدين قائم على الكتاب و السنة وما كان عليه السلف...إذن تأملوا بارك الله فيكم حين يفعل الحجاج ما يفعل وحين يرمي حتى يحترق البيت وحين يقتل من يقتل و حين يفعل ما يفعل ثم يأتي الصحابة ينهون عن سبه ثم يراسل من يفتي فيجيبه بالفتوى ثم بعد ذلك يأتي من يأتي إلى أنس فقيول اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا و الذي بعده أشر منه إذا انصاع الناس للنصوص وتمسكوا بما كان عليه السلف الصالح سلموا وبورك لهم في حياتهم وأما إذا اضطربت بنا السبل وكل إتبع هواه فإن هذا هو الضلال قال تعالى [ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ].
قال يوسف العويسي الجزائري: إن الإضراب عمل من أعمال الجاهلية، وجد بسبب سياسة فرعونية، فأول من قام به جماعة من الأقباط في الأمة المصرية، يطالبون رمسيس الثالث برواتبهم الشهرية، ثم أصبح شريعة بقوانين كفرية، ثم تبناه أهل ملتنا في دساتيرهم التشريعية، ورجع عليهم ضرره من الطوائف الغثائية بشعارات حزبية... وتحت رايات عمية... فظنوا أنهم بالإضراب للحاكم أطاحوا، ولحقوقهم حصٌلوا فاستراحوا، ولكنهم بإضرابهم للدماء استباحوا، ولأبناء ملتهم قتلوا وجرحوا ...ولمن خالفهم كفٌروا ونطحوا... أما أهل الحق فقد صاحوا ونصحوا وبينوا وباحوا، هذا الطريق ياأمة الحق اعتصموا به ترتاحوا، ولكنهم عاندوا وكابروا وما قبلوا نصح العلماء وما انتصحوا... فالإضراب عمل غير مشروع، وفي شريعتنا فعله ممنوع، سدا لأبواب الذرائع، وحفظا لما جاءت بحفظه جميع الشرائع، وقد قعٌد النبي المختار لهذا قاعدة فقال: لا ضرر ولا ضرار رواه الإمام أحمد في مسنده ، ورواه ابن ماجة في سننه والإمام مالك في الموطأ.
فيا قوم كفوا أيديكم، واصلحوا أحوالكم، وتصالحوا مع أوليائكم، فأعطوهم حقهم بالمعروف واسألوا الله حقكم، واصبروا على ذلكم تستقم لكم أموركم، واعلموا أنكم كيفما تكونوا يولى عليكم، فشرار أئمتكم منكم...
قال جمال بن فريحان الحارثي:...الوجه الثالث : أن الحُسين رضي الله عنه وابن الزُبير رحمه الله تأوَّلا واجتهدا، غير مُتعمّدين المعصية، وليس تأويلهما تأويل الخوارج الجهَّال الذِّين خرجوا على الصحابة خيار النَّاس، بل اِجتهدوا وظنُّوا أن الحق معهم، فهم بين رجلين كما في الحديث، عن عمرو بن العاص أنه سمع النبِّي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: )إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر( متفقٌ عليه.
. الوجه الرابع: ... أن خروج الحسين كان على أساس أن القوم كاتبوه ثم أنَّ مسلم بن عقيل وهو ابن أخ الحسين رضي الله عنهم جميعًا أخذ البيعة له، وتتالت عليه الكُتب حتى أن من أواخر الكُتب - التِي جاءته،
فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعة أبيه أمير المؤمنين أما بعد؛ فإن النَّاس
ينتظرونك ولا رأي لهم إلى غيرك، فالعجل العجل ". وجاءه كتاب من الكتب، فيه: "كتب أهل الكوفة إلى الحسين يقولون: ليس علينا إمام، فأقبل لعلَّ الله أن يجمعنا بك على الحق " فهذه الكُتب التِّي توالت على الحسين تُبيِّن أنهم ما كان لهم أمير، وهذا هو الذِّي كان يعتقده أن القوم هناك لا أمير لهم، وأنهم لم يقبلوا بيزيد، فذهب على هذا الأساس، مع هذا الاِجتهاد...
الوجه الخامس؛ وهو أن الحسين رضي الله عنه وابن الزبير أيضًا خالفوهما الصحابة رضي الله
عنهم أجمعين، كبار الصحابة خالفوهما، وكبار التابعين خالفوا و أنكروا على ابن الأشعث أيضًا؛ روى البخاري في صحيحه، يرويه إلى نافع قال: "لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال إني سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: )يُنصبُ لكلِّ غادر لواء يوم القيامة(، وإنَّا قد بايعنا هذا الرَّجل" يعني يزيد بن معاوية؛ " ... على بيع الله ورسوله، وإنِّي لا أعلم غدرًا أعظم من أن يُبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصبُ له القتال، وإنِّي لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلَّا كانت الفيصل بيني وبينه ". ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : " لمَّا أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق، لما كاتبوه كُتب كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدِّين كابن عمر وابن عبَّاس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ألَّا يخرج . وذكر الحافظ بن كثير رحمه الله عندما ذكر في كتابه البداية والنهاية قتال أهل المدينة ليزيد، قال: "وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحدًا بعينه بعد بيعته ليزيد ". وقال أيضًا في موضع آخر في خروج الحسين: "لما استشعر النَّاس خروجه أشفقوا عليه من ذلك وحذَّروه منه وأشار عليه ذوو الرَّأي منهم والمحبَّة له بعدم الخروج إلى العراق، وأمروه بالقيام بمكة، وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم. وهذا عبد الله بن عباس يقول: "استشارني الحسين بن علي في الخروج فقلتُ:" لو لا أن يزري بي النَّاس وبك لنشبتُ يدي في رأسك فلم أتركك تذهب ". وهذا أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص يتأسف فيقول: "عجَّل حسين رضي الله عنه قدره، والله ولو أدركته ما تركته يخرج إلَّا أن يغلبني ". وهذا أبو سعيد الخذري أيضًا يقول مثل ذلك أو قريبًا من ذلك، وهذا عبد الله بن مطيع العدوي رضي الله عنه، كلُّهم ينكرون على الحسين وكانوا ينصحون له ويُشدِّدون إلَّا أن قدر الله كان نافذًافي ذلك.
الوجه السادس: أن هذه الفتنة أو الخروج على الحجَّاج كما ذكر غير واحد من أهل العلم أنه ليس بسبب الفسق، بل كان بدافع الكُفر عند من رأوا الخروج عليه، كما ذكر ذلك النووي في شرحه على مسلم، قال: "قيامهم على الحجَّاج ليس بمجرد الفسق، بل لمَّا غيَّر في الشرع وظاهرالكفر ".
الوجه السابع: أن الخروج كان عند بعض السلف اِجتهادًا، ولهذا كانوا يقولون عن بعضهم:أنه يرى السَّيف ثم الإجماع استقر أعني إجماع المسلمين أهل السُنَّة استقر بعد ذلك على منع الخروج على الحاكم إلَّا في حالة الكُفر الصريح فقط، وبشرطه وضوابطه أيضًا، ليس كلَّ كُفر يُخرج عليه أو كلُّ من رُئي عليه كُفرًا نخرج عليه، لا. يقول الحافظ ابن حجر: "كانوا يقولون أنه كان يرى السَّيف، أي؛ يعني: أنه كان يرى الخروج
بالسَّيف على أئمة الجور، وهذا مذهبٌ للسَّلف قديم لكن استقر الأمر على ترك ذلك لمَّا رأوه قد أفضى إلى أشدَّ منه، ففي وقعة الحرَّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبَّر." أيضًا النووي رحمه الله نقل عن القاضي عياض قوله: "وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم ". ولهذا قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه منهاج السنَّة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية في المجلد الرَّابع، قال: " ولهذا اِستقرَّ أمر أهل السُنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثَّابتة عن النبِّي صلَّى الله عليه وسلَّم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئِمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلقٌ كثير من أهل العلم والدِّين". فاحفظواهذا بارك الله فيكم.
قال علي الحدادي: بسم الله الرحمان الرحيم أما بعد: فإن من القضايا التي أشغلت الناس في هذه الأيام وأخذت متابعتها كثيرا من أوقاتهم ومجالسهم ما يتعلق بثورة الشعوب على الحكومات من خلال المظاهرات والاحتجاجات. ولما كانت هذه القضية من أخطر القضايا المعاصرة كان على المسلم أن يعلم الحكم الشرعي في مسالة علاقة المحكوم بالحاكم وكيفية التعامل مع أخطائه حتى يعبد ربه على بصيرة ومساهمة في إيضاح هذه القضية اذكر نفسي وإياكم بما يلي:
أولا : إن من أصول أهل السنة والجماعة وعقيدتهم أنهم يرون السمع والطاعة لأولي الأمر في غير معصية الله لقول الله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وأن هذه الطاعة واجبة له حتى لو كان في نفسه فاسقاً فاجراً وفي سياسته ظالما جائرا ما دام أنه في دائرة الإسلام لم يخرج منها بالكفر البواح وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على أصحابه البيعة أن
يسمعوا ويطيعوا لأولي الأمر في المنشط والمكره واليسر والعسر وعلى أثرة عليهم وأن لا ينازعوا الأمر أهله ما لم يروا كفروا بواحا. وفي صحيح مسلم ( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضربَ ظَهْركَ وَأخذَ مَالكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ). وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمراء يمنعون الرعية حقوقهم أي كيف يكون التعامل معهم فقال (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ) رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم )إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَة وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَهِ قَالَ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّه حَقَّكُمْ( رواه البخاري. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ستكون أمراء يستأثر ون على الرعية بالحظوظ الدنيوية ثم أمر بالصبر على جورهم وظلمهم حتى يلاقوه على الحوض، وهذه الأحاديث الصحيحة يتلقاها أهل السنة والقلوب المطمئنة وأهل التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بصدور منشرحة لا يعترضون عليها بارئاهم ولا بعقولهم ولا بثقافاتهم لا يقولن إن هذا المنهج يربي على الذل والهوان والخنوع ولا يقولون إن هذا المنهج يجرئ الحكام على المزيد من الظلم ولا يقولون إن الشعوب الفلانية أخذت حقها بالقوة فنجحت وتطورت وترقت بل يقولون كما أدبهم ربهم في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُولُه أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهمْ وَمَن يَْْعْصِ اللَهَ وَرَسُولَه فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا الأحزاب
وفي قولو تعالى ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (النساء. إن المؤمن الصادق هو الذي يسلم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فإن أدرك الحكمة من الحكم زاده ذلك طمأنينة وإن لم يدرك الحكمة فإنه على يقين أنه لا حكم أحسن من حكم الله ولا أعدل ولا أرحم منه (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (أما أهل الأهواء فلا يقبلون من النصوص والشرع إلا ما وافق أهواءهم وأما ما يخالفها فيردونها بأنواع الشبه والاعتراضات والعياذ بالله
قال الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله:
سؤال: هل يجوز القيام بالمظاهرات و المسيرات السلمية للعبير عن متطلبات الشعب الإسلامية؟ وإن كان الجواب بلا فنرجوا ذكر الدليل لأن القيام بهذه المسيرات من قبيل المصالح المرسلة فكل واجب لا يتم الواجب به فهو واجب والأصل في الأشياء الإباحة حتى يأتي النص بتحريمها وكذلك أن القيام بهذه المظاهرات أو المسيرات هي الموافقة للضوابط التي ذكرها الشيخ عبد الرحمان عبد الخالق في رسالته المسلمون ولعمل السياسي.
الجواب: صحيح أن الوسائل إذا لم تكن مخالفة للشريعة وهي الأصل فيها الأباحة هذا لا اشكال فيه لكن الوسائل إذا كانت عبارة عن تقليد لمناهج غير اسلامية من هنا تصبح هذه الوسائل غير شرعية فالخروج بتظاهرات أو مظاهرات وإعلان عدم الرضى أو الرضى وإعلان التأييد أو الرفض لبعض القرارات أو بعض القوانين هذا من باب ليلتقي مع الحكم الذي يقول الحكم للشعب من الشعب وإلى الشعب أما حين يكون المجتمع اسلاميا فلا يحتاج إلى مظاهرات وإنما يحتاج إلى إقامة الحجة على الحاكم الذي يخالف الشريعة...
قال الشيخ عبيد الجابري:
سؤال: شيخنا كثر هذه الأيام ما يسمى بالمظاهرات والاعتصامات، وأيضا إحراق النفس بالنار من أجل المطالب بالحقوق الدنيوية فما حكم الشرع في ذلك؟
الجواب:" هذه الأمور كلها دخيلة على الاسلام واهله فليس هي من شرع محمد صلى الله عليه وسلم. هكذا إذا استحكمت المطامع و الأهواء، فعل الناس العجائب و الغرائب. وأول من صدع بالثورة في وجه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم هو ذو الخويصرة التميمي؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه مال بعث به علي رضي الله عنه من اليمن فقسمه بين أربعة من صناديد العرب منهم الأقرع بن حابس، فتغربت قريش و الأنصار رضي الله عنهم فقال يعطي صناديد نجد ويتركنا. فقال صلى الله عليه وسلم إنما أتئلفهم فسكنوا وهدؤوا، وعلموا أن الله أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم ما هو خير، أما ذو الخويصرة فثار وهاج فقال: إعدل يا محمد إنها قسمة ما أريد بها وجه الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك من يعدل إن لم أعدل، ومن يطع الله إن عصيته. فقام خالد بن الوليد أو غيره فقال: يارسول الله دعني أقتله، أو قال دعني أضرب عنقك فقال: النبي صلى الله عليه وسلم إنما يخرج من ضئضئ هذاـ أي من نسله ـ قوم يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم. فهؤلاء أهل المظاهرات وأهل الاعتصامات و الاحتجاجات هؤلاء سلفهم ذو الخويصرة التميمي. ولهم سلف آخر وهم السبئية أتباع عبد الله ابن سبأ بن وهب الراسبي اليهودي اليمني، الذي اسلم نفاقا، وكيدا لأهل الاسلام؛ فإنه يجمع الناس حوله ويجمع أخطاء ولاة عثمان رضي الله عنه، ويهيج الناس عليه، بحجة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. إذن لا تستغربوا. عليكم بالسنة. ومن أحرق نفسه بالنار أسأل الله العافية والسلامة أحرق نفسه بالنار الدنيا وهو متوعد بنار الأخرة يوم القيامة. كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قاتل نفسه" أن من تردى من شاهق فهو يترى منه يوم القيامة أبد الأباد خالدا مخلدا، ومن تحسى سما فسمه في يده يتحسى به في نار جهنم خالدا فيها أبد الأباد إلى أخر ذلك. و تَسَلَّوْا حيال ما ترونه من فيضنات الثورة و سيولها العارمة، تأسوا بالصحابة وخيار التابعين وتَسَلَّوْا بهذه الأية "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم."
قال الشيخ العقيل:
السؤال:ما حكم المظاهرات...؟
الجواب: نعم المظاهرات حفظكم الله مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم و قد تكون كبائر ولا سيما إذا صحبها اختلاظ الرجال بالنساء وصحبها رفع شعارات المبتدعة وصحبها ... وضرب واستباحة الدماء و الاموال هذا لا شك أنها من الكبائر بل هي عدة كبائر مجتمعة أعوذ بالله من ذلك.
قال الشيخ صالح ال الشيخ:"...إذن ما ذُكِرَ من أن الوسيلة تبرر الغاية؛ هذا باطل وليس في الشرع. وإنَّما في الشرع أنَّ الوسائل لها أحكام المقاصد بشرط كون الوسيلة مباحة، أما إذا كانت الوسيلة محرمة؛ كمن يشرب الخمر للتداوي؛ فإنه ولو كان فيه الشفاء؛ فإنه يَحرُمُ؛ فليست كل وسيلة توصل إلى المقصود لها حكم المقصود؛ بل بشرط أن تكون الوسيلة مباحة. إذا تقرر هذا؛ فمسألة الوسائل في الدعوة ليست على الإطلاق؛ بل لابد أن تكون الوسيلة مباحة، ليست كل وسيلة يظُنها العبد ناجحة، أو تكون ناجحة بالفعل يجوز فعلها. مثال ذلك: المظاهرات مثلاً؛ إذا أتى طائفة كبيرة، وقالوا: إذا عملنا مظاهرة؛ فإن هذا يسبب الضغط على الوالي وبالتالي يُصلِح، وإصلاحه مطلوب، والوسيلة تبرر الغاية. نقول: هذا باطل؛ لأن الوسيلة في أصلها محرمة، فهذه الوسيلة وإن أوصلت للمصلحة لكنها في أصلها محرمة؛ كالتدواي بالمحرم ليُوصل إلي الشفاء. فثمَّ وسائل كثيرة يمكن أن تخترعها العقول لا حصر لها، وتُجعل الوسائل مبرِّرة للغايات، وهذا ليس بجيد؛ بل هذا باطل؛ بل يشترط أن تكون الوسيلة مأذون بها أصلاً ثم يُحكم عليها بالحكم على الغاية؛ إن كانت الغاية مستحبة؛ صارت وسيلة مستحبة، وإن كانت الغاية واجبة؛ صارت الوسيلة واجبة، وهكذا.
ـ قيل لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه: « ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال:" إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن ولكن ليس من السنة أن ترفع السلاح على إمامك"
قَالَ الْعُلَمَاء: وَسَبَب عَدَم اِنْعِزَاله وَتَحْرِيم الْخُرُوج عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِتَن ، وَإِرَاقَة الدِّمَاء، وَفَسَاد ذَات الْبَيْن، فَتَكُون الْمَفْسَدَة فِي عَزْله أَكْثَر مِنْهَا فِي بَقَائِهِ .
ـ قال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين بن علي على الخروج، وقد قلت له: اتَّق الله في نفسك والزم بيتك، ولا تخرج على إمامك.
وقال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))
قال الإمام أحمد بن حنبل لما جائه الناس للخروج على الخليفة الذي قال بخلق القرآن قال لهم " عليكم النكرة بقلوبكم و لا تخرجوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين معكم ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين أنظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بركم أويستراح من فاجركم.
وقال لما شاوروه في الخروج على الواثق " لا هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن ضرب ظهرك فاصبر و إن حرمك فاصبر".
قال الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى في سير أعلام النبلاء:" الحجاج أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً، وكان ظلومًا، جبارًا، ناصبيًا، خبيثًا، سافكًا للدماء، وكان ذا شجاعةٍ، وإقدامٍ، ومكرٍ، ودهاءٍ، وفصاحةٍ، وبلاغةٍ، وتعظيم للقرآن .قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لأهل الحرمين ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله. إهـ
وقال هشام بن حسان كما في سنن الترمذي :أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة وعشرين ألف قتيل.
ومع ذلك صلى وراءه خير الناس منهم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه ففي صحيح البخاري عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك - رضي الله عنه - فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا؛ فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.
عن أيوب السختياني أنه كان يقول : أهل الأهواء كلهم خوارج ويقول إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اسمع وأطع في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، وإن
أكلوا مالك و ضربوا ظهرك"
وعن سويد بن غفلة: قال لي عمر بن الخطاب:"لعلك أن تخلف بعدي، فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا،
وإن ظلمك فاصبر، وإن ضربك فاصبر، وإن دعاك إلى أمر منقصة في دينك فقل سمعا وطاعة دمي دون
عرضي، ولا تفارق الجماعة"
قال العلماء أن الخروج على السلطان ومفارقة الجماعة يكون بثلاثة أمور باللسان وبالقلب و باليد قال المناوي في فيض القدير في قوله:[ رجل فارق الجماعة [بقلبه ولسانه واعتقاده،أو ببدنه ولسانه...انتهى
هذه بعض المختارات من كلام العلماء وطلبة العلم في هذه المسألة على وجه التمثيل لا الحصر والاستقصاء، وإن كلامهم لكثير جمعت منه أربعين صفحة اقتطفت لك منها أيها القارئ الحبيب هذه الباقة لعلى الله ينفعك بها ويبصرك. والله لمن المؤسف المحزن إني لم أجد قول عالم مغربي أو طالب علم ولا حتى كلام خطيب في هذا الأمر فلا حول ولا قوة إلا بالله، فمن الذي أخرصهم عن هذا؟ ومن الذي منعهم من الكلام فيه...؟؟؟؟ أم أني أنا المقصر في البحث؟ ولعلى الأخير هو الصواب و الله أعلم.
جزى الله خيرا من نشرها أو ساعد على نشرها وأجزل له المثوبة فهو سبب لنشر الحق و حقن لدماء المسليمن و تبصير المتظاهرين وإلجام للمتكلمين الجاهلين. وما أريد من هذا العمل إلا إحقاق الحق وإبطال الباطل وبيان منهج أهل السنة و الجماعة ليفتضح أمر من ينتسب إليهم كذبا و زورا و يتلبس بلباس السنة و يندس خلفها ليمرر مخططاته الخبيثة المدمرة للسنة و الدين المفرقة لأمة المسلمين، وقد وجهت هذا البحث لأخواني الطلبة في كلية الشريعة بالذات لأنهم هم من حماة هذا الدين في المستقبل إن شاء الله، ليكونوا على بصيرة من أمرهم حتى لا يغرر بهم المغررون ولا يخدعهم الخادعون ولا يجرهم الماكرون إلى المنزلقات الخطيرة و المتاهات المدمرة التي دمرت كثيرا ممن يدعي الإصلاح و رمت به في أحضان المناهج الهدامة وسبل المنحرفة التي جرت على الدعوة الاسلامية ودين الإسلام الويلات حتى غدى ينبز بدين التدمير و التفجير، و هو الحنفية السمحة التي لا تضاهيها شريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد، فإلى الله المشتكى من خوارج هذا العصر أصحاب التكفير و التفجير و التدمير. أخي الطالب لقد رأيت من يزين لك الشعارات و يزخرف لك اللافتات و يلطف لك العبرات لتنساق معه في طريقه، فكن حذرا أخي الطالب العاقل و تبصر قبل أن تدمر، وإياك ثم إياك أن تقول لنجرب فالتجربة خير دليل، فإنك إن دخلت معهم فلن تخرج إلا إذا رحمك الله برحمته. وهذه نصيحة ناصح مجرب يريد لك الخير عملتها لك عمل من طبّ لمن حبّ، ولقد رأيت بعينيك ما نحن نعيشه هذه الأيام من الفوضى العارمة بسبب هذه الاضرابات التي عطلتنا عن طلب العلم الشرعي و ضيعت لنا من أوقاتنا النفيس منها فأي خير في شيء يعطل طلب العلم ويعتاض عنه بالتصفيق و الألحان وتصوير الذكور و النسوان، فلا حول ولا قوة إلابالله الواحد الديان، إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها، ولا تواخذنا بما فعل السفهاء منا.
وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت، و الله من وراء القصد و هو ولي المومنين.