إن كـان عندك يا زمــان بقيــة
مما يهـــان بهــا الكرام فهــاتها
لها عين أصـــــابت كل عين
وعين قــد أصابتـــها العـــيون
ألا إن عيناً لم تجـــد يوم واسط
عليك بغإلى دمــعـها لجــمــود
أعز مكان في الدنا سابـــــح
وخيـر جليس في الزمــان كتــاب
كذا قـضت الأيام ما بين أهلهــا
مـصـائب قـوم عند قـوم فـــوائد
أقلوا عليـهم لا أباً لأبيكم من اللوم
أو ســــدوا المكان الذي ســدوا
أضاعــوني وأي فتي أضاعـوا
ليــــوم كـريهـة وسداد ثغـــر
هنيئاً مريئـا غير داء مخـامـر
لعــزة من أعـراضنا ما استـحلت!
سقط النصيف ولم ترد إسقــاطه
فـــــتناولتـه واتقــتنا بإليــد
ومن كلمت فيه النهي لا يســره
نعــيم ولا يــرتاع لـلحـــدثان
خذا من صبـــا نجد أمانا لقلبـه
فقـــد كــاد رياها يطيــر بلبه !
عيون المها بين الرصافة والجسـر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري!
يقولون لو سليت قلبك لارعــوى
فقلت وهل للعــــاشقين قـلــوب!
يا قوم أذني لبعض الحى عاشقــة
والأذن تعشق قــبل العين أحــيـانا!
يكون أجاجـــاً دونكم فإذا انتهي
إليكم تلقى طيــــبكم فــــيطيب
وإنما المرء حـــــديث بعـده
فكن حـــديثــاً حــسناً لمن وعى
إن رباً كــفــاك ما كان بالأمس
ســيكــفيك في غد مــــا يكون
دقـــــات قلب المرء قائلة له:
إن الحـــــياة دقـــائق وثواني!
إن العــيـون التي في طرفها حور
قـــتلننا ثم لم يحـــيين قتلانــا!
ستبـدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخـــبـــار من لم تزود
ألا كل شيء ما خلا الله باطــل
وكل نعـــــيم لا مـــحالة زائل
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوماً وضــاق بها الصدر
وإذا لثـــمن يمينه وخرجت من
أبوابه لــثــم المــلــوك يميني!
تفوح أطيــاب نجـد من ثيابهم
عند القدوم لقـــرب العـهـد بالدار!
تمتع من شــمــيم عرار نجد
فما بعد العــشيــة من عن عرار
أعد ذكــر نعمــان لنا إن ذكرته
كما المسك ما كــررته يتضــوع!
كأن قطـاة علقت بجناحـــهــا
على كـبدي من شدة الخــفقــان!
بكت عيني اليمنى فلما زجرتهـــا
عن الجـهـل بعد الحـلم أسبلتا معا!
تراه إذا ما جـــئته متــهلــلاً
كأنك تعطيــه الذي أنت سائلـــه!
إذا ساء فــعل المرء ساءت ظنونه
وصـــدق مــا يعتـاده من توهم
ومن نكد الدنيـا على الحر أن يري
عدواً لــه ما من صـــداقـته بد!
من يهن يسهل الهوان عليــــه
ما لجـــــرح بميت إيـــــلام
لا خيل عندك تهديا ولا مــــال
فليسعد النـطق إن لم تسعـد الحــال!
وإذا كانت النفوس كبــــــاراً
تعــــبت في مـــرادها الأجسام!
لولا المشــقــة ساد الناس كلهم
الجــــود يفـــقر والأقدام قتال!
إنا لفي زمن ترك القــــبيح به
من أكــثر الناس إحســـان وإجمال
فــــإن تفق الأنام وأنت منهم
فـــإن المسك بعض دم الغـــزال
قد يهون العـــمــر إلا ساعـة
وتضــــيق الأرض إلا موضعــا!
هو الجد حتى تفضل العين أختهـا
وحتى يكون إليـــوم لليــوم سيـدا
فإنك شـــمس والملوك كواكب
إذا طلعت لم يبـــد منهن كـــوكب
خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبـا
لفــــارقت شيبي موجع القلب باكيا!
وليس على الأعقاب تدمي كلومنا
ولكن على أقــــدامنا تقطر الدمــا
ما كل ما يتمنى المرء يدركــه
تجري الــرياح بما لا تشـتهي السفن
وبشرت آمالي بشخص هو الورى
ودار هي الدنيـــا ، ويوم هو الـدهر
إذا اشتبكت دموع في خــــدود
تبين من بــــكى ممن تبـــاكى!
ولست بمستــــبق أخاً لا تلمه
على شــعث، أي الرجال المهـذب؟!
وكـــيف تعلك الدنيـــا بشيء
وأنت لعــــله الدنيا طبــــيب؟!
المجـــد عوفي إذا عوفيت والكرم
وزال عنــك إلى أعـــدائك الألـم!
لا يدرك المجــــد إلا سيد فطن
بما يشق على الســــادات فعــال
وإذا لم يــكن من الموت بـــد
فــمــن العـــجز أن تموت جبانا!
وإن لم تمت تحت السيوف مكرمـاً
تمت وتعـــاني الذل غيـــر مكرم!
ولا عيب فيـــهم غير أن سيوفهم
بهن فلــول من قــــراع الكتـائب
نسب كأن عليه من شمس الضحــى
ألقـــاً ومن ضوء الصبــاح عمودا
كـأنهم يردون الموت من ظمـــأ
أو ينشقـــون من الخطــي ريعانا!
يستـــعذبون مناياهم كــــأنهم
لا يخرجــون من الدنيـــا إذا قتلوا!
لو كان يقعد فوق الشمس من كــرم
قـــوم بآبائهم أو مجــدهم قعـدوا!
بها ليل في الإسلام سادوا ولم يكن
لأولهم في الجـــاهليــــة أول!
دار متى ما أضحكت في يومــها
أبكت غـــداً قبحـــاً لهـا من دار!
السيف اصـــدق أنباء من الكتب
في حده الحـــد بين الجــد واللعب!
علو في الحــيـــاة وفي الممات
لحق أنت إحــــدى المعــجزات!
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمــر
فليس لعين لم يفض مـــــاؤها عذر
أعــــياني كفا عن فؤادي فإنه
من الظلم سعــي اثنين في قتل واحد!
إن كان سركم ما قـــال حاسدنا
فما لجــــرح إذا أرضـــاكم ألم!
ويقبح من سواك الفــعـل عندي
وتفــعلـه فيحــــسن منك ذاكـا!
أتي الزمــــان بنوه في شبيبته
فــســـرهم وأتيناه على هـرم
طبـــعت على كدر وأنت تريدها
صـفـــواً من الأقـــذاء والأكدار!
أحــــرام على بلابلـه الدوح
حـــلال للطيـــر من كل جنس؟!
وأبيض يستسقي الغمـــام بوجهه
ثمـــال إليتامى عصــمة للأرامـل
ما في الخيام أخو وجد نطارحــه
حديث نجـــد ولا خل نجــــاريه
أضاءت لهم أخلاقــهم ووجوههم
دجى الليل حتــى نظم الجـزع ثاقبه
أمــرتهم أمري بمنعــرج اللوى
فلم يستبينوا النصـح إلا ضحى الغــد
كفي بك داء أن ترى الموت شافيـا
وحــسب المنايا أن يكن أمــــانيا
ثمن المجــــد دم جدنــــا به
فــــاسألوا كيف دفــــعنا الثمنا!
والمستجيــــر بعمرو عند كربته
كالمستجيــــر من الرمضاء بالنار!
كأن عينيك يوم الجزع تخبـــرنا
عن المحـــبين من أســماء قتلاك!
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفـا
أنيس ولم يســمــر بمكة سامـــر
أمن تذكـــر جيران بذي سلم
مزجت دمعـــاً جرى من مقـلة بدم؟!
لا تعذل المشتــــاق في أشواقه
حتى يكون حشــــــاك في أحشائه
أحي جاوز الظالمون المــــدى
فـحــق الجــهــــاد وحق الفدا
لهـــا أحاديث من ذكراك تشغلها
عن الطعــــام وتلهيهــا عن الزاد
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض
فـحسبك مني مــــا تكن الجوارح
ثوى طاهـــر الأردان لم تبق بقعة
غـــــداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر!
ألا أيها الركب إليمانون عرجــوا
علينا فقد أضحــــــى هوانا يمانيا!
أحبك لا تفسير عندي لصبـــوتي
أفســـر ماذا والهـــوى لا يفسر!
يا ليتها إذ فدت عمـــراً بخارجة
فـــدت علياً بمن شاءت من البشر!
والناس من يلق خيــراً قائلون له
ما يشتــهي، ولأم مع المستعجل الزلل
لا تغترر ببني الزمـــان ولا تقل
عند الشـــدائد لي أخ وحــمــيهم
والناس أعـــوان من دالته دولته
وهم عليـــه إذا عادته أعــــوان
أولئك آبائي فــجـــئتني بمثلهم
إذا جــمــــعتنا يا جرير المجامع!
ولا بد من شكوى إلى ذي مــروءة
يواســــيك أو يسلبك أو يتـــوجع
تعــــود بسط الكف حتى لو انه
أراد انقباضــــاً لم تطعـــه أنامله
حلفت فلم أترك لنفسك ريبـــــة
وليس وراء للمـــــرء مـــذهب
وتضحك مني شيخة عبشمــــية
كأن لم ترى قبـــلي أسيـــراً يمانيا
يقــضي على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسناً مــا ليس بالحــسن
إن الكرام إذا مــا أيســروا ذكروا
من كان يألفــهم في الموطن الخـشن
اعذر حسودك فيمــا قد خصصت به
إن العــلا حسن في مثلهــا الحسد!
إذا كــان هذا الدمع يجري صبــابة
على غير سعــدى فهــو دمع مضيع
ومــا شرقـــي بالماء إلا تذكــراً
لمــاء به أهــل الحــبـيب نزول!
فبت كــني ساورتني ضــئيلــة
مـن الرقش في أنيــابهــا السم ناقع
وصدر أراح الليل عازب همــــه
تضاعف فـيه الحــزن من كل جانب
وإذا المنيــة أنشــبت أظفــارها
ألفـــيت كل تميمـــة لا تــنفع!
هم يحسدوني على موتي فوا أسفــا
حتى على المــوت لا أخلو من الحسد!
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصــوت إنســـان فكدت أطيـر!
قد كنت أشفق من دمــعي على بصري
فإليــوم كل عزيز بعــــدكم هانا
إني وإن لمت حــاسدي فــمـــا
أنـــكر أنــي عقـــوبة لـهم
ومن العــداوة ما ينالك نفــعـــه
ومن الصـداقة ما يضـــر ويؤلم!
فـمـا أطال النوم عمـــــراً وما
قــصر في الأعــمار طول السهر
وأنا الـــذي جلب المنيـــة طرفه
فــمـن المطالب والقــتيل القاتل؟!
وتجلدي للشامــــتين أريهـــم
أني لـريب الدهــر لا أتضـعـضع
فـصــرت إذا أصابتني سهــام
تكســرت النصـــال على النصـال
جود الرجــال من الأيدي وجودهم
من اللســان فلا كــانوا ولا الجـود!
جزى الله المسيــر اليك خيــراً
وإن تـــرك المطايا كــــالمزاد!
كل الموارد غــيــر النيل آسنة
وكل سوى البلقـــاء فـيــحــياء
يا من يعــز علينا أن نفــارقهم
وجــداننا كل شيء بعــــدكم عدم!
ومـــــا نيل المطالب بالتــمني
ولكن تؤخــــذ الدنيـــا غـلابا
تلك المكارم لا قـعـبان مـن لبن
شـيبا بماء فــعــادا بعــد أبوالا
هم القوم إن قالوا أصابوا، وإن دعوا
أجابوا ، وإن أعطوا أطابوا وأجــزلوا
يا قرة العين سل عيني هل اكتحلت
بمنظر حسن مــذ غبت عن عييني؟!
ولي كبــد مقروحـة من يبيعني
بها كـبداً ليـــست بذات قـروح؟!
إذا هم ألقي بين عينيــه همــه
وأعرض عن ذكر العواقب جانبـــا
سل الرمــاح العوإلي عن معـإلينا
واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا؟
ما أقبح الصــبـــر الجمــيل
بعـــاشــقـيك وأجــمــلك!
ولما ادعيت الحب قالت كــذبتني
ألست أرى الأعـضـاء منك كواسيا؟!
وردنا على مــاء العشيرة والهوى
على ملل، يا لهف نفــسي على ملل!
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضـــر
وغــصنك مـيـاد فــفـيم تنوح؟!
فقد هد قدمــاً عرش بلقيس هدهـد
وخــرب فـــأر عنوة سد مـأرب
يا عابـد الحـــرمين لو أبصرتنا
لعـلمـت أنك بالعـــبـــادة تلعب
ألا لا أري الأحداث مدحــاً ولا ذماً
فمـا بطشها جهلاً ولا كـفها حلمـــا
تفت فـــؤادك الأيام فــتـــا
وتنحت جــسمك الســـاعات نحتا
أتياس أن تري فــــرجـــاً
فـــــأيــن الله والــقــدر؟!
ومـــا كل دار أقفرت دار عزة
ولا كل مــصقــول الترائب زينب!
لكل شيء إذا ما تم نقـصـــان
فــلا يغــر بطيب العــيش إنسان
جرت الرياح على مـحل ديارهم
فكأنهم كــــانوا على مــيعــاد
وما مشتت العزمات ينفق عمـره
حـــيــــران لا ظفر ولا إخفاق
لشتات ما بين إليزيدين في الندى
يزيد بن عن عمرو والأغــر بن حاتم
وما كنت أدري قبل عزة مـا البكا
ولا مــوجعــات القلب حتى تولت!
متى تأتيه تعشو إلى ضوء ناره
تجــد خير نار عندها خير موقـد
إذا مـا خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلــــوت ولكن قل على رقيب!
وإذا أراد الله نشــــر فضيلة
طويت أتاح لهـــا لسان حســود
دع المقادير تجري في أعنتهــا
ولا تبــيــتن إلا خـــيلى البإلي
على قدر أهل العزم تأتي العـزائم
وتأتي على قـــــدر الكرام المكارم
وما حب الديار شــغــفن قلبي
ولكن حـــب من سكن الـــديارا!
هذا الذي تعرف البطحــاء وطأته
والبـــيت يعرفه والحل والحـــرم
لمعت نارهم وقد عســعس الليل
ومل الحـــــادي وحـــار الدليل
ولو لم يكن في كــفـه غير روحه
لجــــاد بها فليــــتق الله سائله!
اذكـــرونا مثل ذكـــرانا لكم
رب ذكـــرى قـــربت من نزحا
واعلم بأن عليك العار تلبســـه
من عضــة الكلب لا من عضة الأسد!
أنا ابن جلا وطلاع الثنــــايا
متي أضع العــمامــــة تعرفوني
ليس الحجاب بمقص عنك لي أملاً
عن الســمـــاء ترجى حين تحتجب
قد هيؤوك لأمر لو فطنت لـــه
فــاربأ بنفسك أن ترعى مع الهــمل
لو كنت من مــازن لم تستبح إبلي
بنو اللقيــطة من ذهل بن شيبـــانا
من راقب الناس مات همــــاً
وفـــــاز باللذة الجــــســور
وفي كل شيء لــــه آيــة
تـدل على أنه واحــــــد
ففي السماء نجوم لا عداد لهــا
وليس يكسف إلا الشــــمس والقمر
والحادثات وإن أصابك بؤســـها
فـــهو الذي أنباك كيف نعيمـــها
ذكر الفتى عمره الثاني ، وحاجته
ما قــاته، وفضول العيش أشغـــال
فإن كنت لا تستطيع دفع منيــتي
فـــــدعني أبادرها بما ملكت يدي
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتـــه
وإن أنت أكـــرمت اللئـــيم تمردا
إذا غامـــرت في شرف مروم
فـــلا تقنـــــع بما دون النجوم
يا ظبية البـــان ترعى في خمائله
ليــهنك إليـــوم أن القلب مرعاك!
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خــــاف القلى مــتعزل
وكل شــــديدة نزلت بقـــوم
سيــــأتي بعد شدتهـــــا رخاء
ومن هاب أسبـــاب المنايا ينلنه
وإن يرق أسبـــاب السمـــاء بسلم
أري الموت يعتام الكرام ويصطفي
عقيلة مــــال الفـــاحش المتشدد
تعدو الذئاب على من لا كـلاب له
وتتقي مـــربض المستنفر الحــامي
ابدأ بنفسك فانهها عن غيهــــا
فإذا انتـــهت عنه فــــأنت حكيم
تعــــيـــرنا أنا قليل عديدنا
فــــقلت لهــــا: إن الكرم قليل
وظلم ذوي القربى اشد مضـاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
بغاث الطيـــــر أكثرها فراحاً
وأم الصـــقـــر مقـــلاة نزور
إن الغصون إذا قومتها اعتــدلت
ولن تلـين إذا قومـــتها الخــشب
والنفس راغبة إذا رغبتهـــــا
وإذا تــرد إلى قـــليـــل تقـنع
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حـــمــده ذماً عليـــه ويندم
إذا لم تستطع شيئاً فدعـــــه
وجـــاوزه إلى مـــا تســـتطيع
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقـــتـــــدي
من لم يمت عبطة يمت هرمـــاً
للمـــوت كأس والمرء ذائقـــهـا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومـــــدمن القرع للأبواب أن يلجأ
يعيش المرء ما استحيا بخيــــر
ويبقى العــــود ما بقي اللحـــاء
نروح ونغـــدو لحــــاجاتنا
وحــاجـة من عاش لا تنقـــضي
ولم أر كــالمعروف ، أما مـذاقه
فحلو ، وأمــا وجهـه فجــميـل
إذا كنت في حـــاجة مــرسلا
فـــأرسل حكيــمــاً ولا توصه
ومــهما تكن عند امرئ من خليفة
وإن خــالهـا تخفي على الناس تعلم
إذا لم يكـن إلا السنة مــــركب
فــمــــا حيلة المضطر إلا ركوبها
تعــلم فليس المرء يولد عنالمـاً
وليس أخــو علم كمن هو جــاهـل
إذا كنت في كل الأمور مـــعاتباً
صـــديقك لم تلق الذي لا تعــاقبه
إذا امـــتحن الدنيــا لبيب تكشف
له عن عـدو في ثيــــاب صديق!
وأعــــلم بأن من السكوت إبانة
ومن التكلم مــــا يكون خبـــالا
الصـــمت اجــــمل بالفتى
من منطـــق في غــيـــر حينه
يصاب الفتى من عثرة بلســـانه
وليس يصــاب المرء من عثرة الرجل
لســان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صـــــورة اللحم والدم
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصـــدر الذي يستودع السر أضيق!
جـراحـــات الطعان لها التئام
ولا يلتـــام مـــا جرح اللســان
وإن امرءا قد سـار سبعين حجة
إلى مـنهــل من وردة لقــــريب
أحسن إلى الناس تستعــبد قلوبهم
فطــالما استعبد الإنسان إحســــان
بقدر الجد تكسب المعـــــإلي
ومن رام العــلا سـهــر الليــإلي
تقــفــون والفلك المسخر دائر
وتقـــدون وتضحك الأقـــــدار
أعلل النفس بالآمــال أرقبهــا
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمـــل
غب وزر غباً تزد حبـــاً فمن
أكــثر التـــرداد أقصــاه الملل
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى
ولا زاجـــرت الطير ما الله صانع
ومن ينفق الساعــات في جمع ماله
مــخافـة فقر فالذي فعل الفقــر!
ومن يك ذا فم مـــر مــريض
يجـــد مـــراً به الماء الزلالا
ولبس عـباءة وتقـــر عيني
أحب إلى من لبس الشــفـــوف
ذهب الشبــاب فما له من عودة
وأتي المشــيب فأين منه المهرب؟!
إذا غــضــبت عليك بنو تميم
حـسبت الناس كلهم غــضــابا!
ذهب الذين يعاش في أكنافـــهم
وبقـــيت في خلق كجلد الأجرب
لولا الحياء لعادني استــعبــار
ولزرت قبــرك والحبيـــب يزار
وكانت في حـــياتك لي عظات
فأنت إليــوم أوعظ منك حــــيا
تعب كلهــــا الحياة فما أعـ
ـجب إلا مـــن راغب في ازدياد
دع المكارم لا ترحل لبــغيتــها
واقـعـــد فإنك أنت الطاعم الكاسي
قـــــبيلة لا يغدرون بذمــة
ولا يظلمـــون الناس حبة خـردل
ضدان لما استجمــعــــا حسنا
والضـــد يظهـــر حسنه الضد
إذا اعـــتاد الفــتي خوض المنايا
فـــأهون ما يمر به الوحـــول
فطعم الموت في أمــــر حقير
كطــعم الموت في أمـــر عظيم
وحب الجبان النفس أورده التــقي
وحب الشجــاع النفس أورده الحربا
فـــغض الطرف إنك من نميــر
فـــلا كعبـــاً بلغت ولا كـلابا
من يفعل الخير لم يعـــدم جوازيه
لا يذهب العـــرف بين الله والناس
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت واي الناس تصفو مشـاربه؟!
مكر مـفـــر مقبل مدبر معاً
كجــلمود صخر حطه السيل من عل
نصحتك فالتمس يا ليث غيـري
طعــامـــاً إن لحمي كان مــراً؟
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحــسن حـــتى كاد أن يتكلما
ليلتي هذه عـروس من الـزنج
عليــها قــلائد من جــمـــان
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشــبــه الأحــلام من ذكراك
هلا سألت الخيل يا ابنة مــالك
إن كنت جـــاهلـة بما لــم تعلمي
وإنمـــا أولادنا بيــنــنا
أكـــبادنا تمشي على الأرض
أنا الذي نظر الأعمــي إلى أدبي
وأسمــعـت كلماتي من به صــمم
وإني وإن كنت الأخـــير زمانه
لآت بما لم تســــتطعه الأوائــل
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكــل رداء يرتديه جــمــــيل
تســـيل على حد الظبات نفوسنا
وليست على غـيــر الظبات تسـيل
ألا لا يجـــهلن أحـــد علينا
فنجــــهل فوق جـــهل الجاهلينا
إنا لمن مــعــشر أفني أوائلهم
قيل الكمـــاة: ألا أين المحامــونا؟!
ومــا للمـــرء خير في حياة
إذا مــا عـد من سـقط المتـــاع
أحــلامنا تزن الجبــال رزانة
وتخـــالنا جنا إذا مــا نجـــهل
كأن مثـــار النقع فوق رؤوسنا
وأسيـــافنا ليل تهاوى كـــواكبه
وفيهم مقامـــات حسان وجوهها
وأندية ينتـــابها القـــول والفعل
الخيل والليل والبيـــداء تعرفني
والســـيف والرمح والقرطاس والقلم
محســـدون على ما كان من نعم
لا ينزع الله منهم مــا له حســـدوا
أغر أبلج يســتســقى الغمام به
لو صـارع الناس عن أحلامهم صرعا
هينون لينون أيسار ذوو كـــرم
سـواس مكرمة أبناء أيســــــار
أأذكر حــــاجتي أم قد كفاني
حــيــاؤك إن شيمـــتك الحياء
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
ومن يســـوي بأنف الناقـة الذنبا
ونشـرب عن وردنا الماء صفواً
ويشرب غيـــرنا كــدراً وطينا
إنا لقوم أبت أخــــلاقنا شرفاً
أن نبتـــدي بالأذى من ليس يؤذينا
قوم إذا الشــر أبدي ناجذيه لهم
طــاروا إليه زوافـــات ووحـدانا
بانت سعـــاد فقلبي إليوم متبول
مـــتيم إثرها لم يفـــد مكبــول
من تلق منهم تقل لاقيت سيـدهم
مثل النجــوم التي يري بها السـاري
بيض الوجوه نقية حجـــزاتهم
شم الأنــوف من الطـــراز الأول
سـاشكر عمـراً إن تراخت منيتي
أيادي لم تمنــن وإن هي جــلــت
لا يســـالون أخاهم حين يندبهم
في النائبـــات على مــا قال برهانا
هو البحــر من أي النواحي أتيته
فلجتــــه المعروف والجود ساحله
ولد الهــــدى فالكائنات ضياء
وفم الزمــان تبـــسم وثنـــاء
عائض القرني.