حبيبة عائشة عضو متميز
عدد المساهمات : 200 نقاط : 51791 تاريخ التسجيل : 22/10/2010 العمر : 37
| موضوع: سـلسـلة كيـف تتعـامـل مـع اللــه؟ الثلاثاء أغسطس 02, 2011 6:08 am | |
|
أهم سؤال يمكن أن نسمعه في حياتنا كلها
لأنه توجد أشياء كثيرة معنا في هذه الحياة
لكن أهم من نحيا معه في هذا الكون هو الله
اللَّه
الله هو أجل اسم
وهو سبحانه أجمل مسمى لهذا الاسم
هو أحسن من يعاملك
ولن تجد أحد أحن ولا ألطف ولا أفضل
من الله تعالى إذا تعامل معك
الكريم الذى لا منتهى لكرمه
ولا مثيل لحسن تعامله مع خلقه
مع أنه هو الغني عنهم وهم الفقراء إليه
" يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "
فإذا كان الذي يعاملنا فى كل يوم
بهذه العظمة وبهذه الرحمة وبهذا الكرم
فوالله لابد أن نعرف
كيف نتعامل معه ؟
لفضيلة الشيخ / مشاري الخراز
أولا:
كيف تتعامل مع الله إذا غضب؟
ربنا تعالى حليم كريم عليم وبالمؤمنين رؤوف رحيم
ولكنه سبحانه إذا غضب على شيء فإن غضبه يكون شديدا
قال تعالى:
«إن بطش ربك لشديد»
وإذا غضب الله على شيء فلن يفلح أبدا ولو فعل ما فعل... إلا إذا ارتفع عنه هذا الغضب
لأن الله إذا غضب على العبد فكل شيء سيغضب عليه...
لاحظ في الفاتحة لما ذكر الله الصراط المستقيم قال:
صراط الذين أنعمت عليهم ولم يقل صراط الذين أنعموا عليهم
لماذا ؟
لأن المنعم واحد هو الله
أما في الغضب قال: غير المغضوب عليهم ولم يقل غير الذين غضبت عليهم... مع أنه غضب عليهم !
لكن لأن الله إذا غضب على عبد فكل شيء سيغضب عليه قال:
غير المغضوب عليهم
بل حتى إذا حاول العبد أن يغضب الله لكي يرضي الناس فإن هؤلاء الناس الذين يحاول أن يرضيهم هم بذاتهم سيغضبون عليه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه
الناس»
وكلما زاد الإنسان من اصراره على المعصية كان غضب الله أقرب وأشد...
بعض الناس له سنوات وهو يعيش في غضب الله والذي يبقيه على قيد الحياة هو حلمه سبحانه...
صبور على الناس سبحانه... صبور...
فمن كان يعيش هذه المرحلة الآن فليستغلها حق الاستغلال ولينتهز الفرصة قبل أن تنتهي هذه المرحلة، لأن هذه المرحلة (مرحلة الإمهال) إذا انتهت فسيدخل
العبد بعدها في مرحلة الانتقام...
وإذا غضب الله على العبد فإنه لا ينتقم منه مباشرة بل يتركه يعيش فترة الإمهال والحلم
يحلم الله عليه ويتركه مع أنه غاضب عليه... لعله يرجع
لكن بشرط... أن يكون بصدق.
- قد يكون ربي غضبانا على الواحد منا وهو لا يشعر
كيف أعرف هل الله غضبان عليّ أم لا؟
إذا كان العبد مصرا على المعصية فيخشى عليه أن يكون الله فعلا غضبان عليه
وإلا فالله تعالى ليس له ثأر يأخذه من عبده... كما يقول ابن القيم، ولو أهلك عباده جميعا لما زاد ذلك في ملكه شيئا...
طيب... من كان في وسط غضب الله ماذا يفعل؟
وبعض الناس كان على خير ولكن أصابه غضب الله
كيف يتعامل الإنسان مع ربه إذا غضب عليه..
عليك الآن أن تعلن حالة الطوارئ
بسرعة قبل أن يحدث شيء..
طيب ماذا أفعل؟
انتبه..
كيف تتعامل مع الله إذا غضب؟
إذا أحسست أن الله غضب عليك فتوجد طريقة تذهب هذا الغضب عنك بحيث يعود الرضى إليك بعد أن فقدته..
الحل هو:
أن تبحث عن أحد يخلصك من هذه الورطة
ولن تجد أحدا يخلصك إلا هو سبحانه:
- كل شيء تفر منه عنه إلا الله فإنك تفر إليه قال تعالى: ففروا إلى الله
أرأيت كيف أن التعامل مع الله يختلف تماما عن التعامل مع غيره؟!
كيف هو يخلصني؟
هو الذي سيخلصك من غضبه هو سبحانه إذا لجأت إليه..
- لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك
- أعوذ برضاك من سخطك
- قل له كلمه قل له:
يا رب لا تغضب عليّ... يا رب ارضى عني
يا رب ليس لي سواك
قل له: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك..
«وقال ربكم ادعوني أستجب لكم»
صدقني سيرضى عنك... صدقيني سيرضى عنك...
حاول أن ترضيه... نعم حاول أن ترضيه بالأشياء التي يحبها سبحانه
وعليك أن تعلم أمورا عن الله:
1 - اعلم أنه سبحانه يرضى بسرعة... بسرعة يرضى... يرضى بالقليل.
قال صلى الله عليه وسلم: «صدقة السر تطفئ غضب الرب»
2 - عليك أن تعلم أنه يريد أن يرضى عليك أكثر مما تريده أنت
قال تعالى:
«والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما»
- بعضهم يقول طيب أنا أرجع إليه سبحانه ثم أعود إلى المعصية... أتوب ثم أرجع..
الجواب هذا هو المطلوب... المطلوب أنك كلما أذنبت رجعت..
إن عبدا أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت فاغفره فقال ربه: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا
فقال: ربي أذنبت آخر فاغفر لي قال: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم أصاب ذنبا فقال:
رب أذنبت آخر فاغفر لي قال: اعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ؟ قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء
( حم ق ) عن أبي هريرة.
- كنت أواجه مشكلة مع الذي يقول أتوب ثم أرجع..
- هل تريد أن تكون معصوما؟!
كيف تتعامل مع الله إذا هداك؟
أجمع العارفون أن توفيق الله للعبد ألا يكله إلى نفسه
أجمل شيء نزل من السماء الهداية إلى الله
ولن تستطيع أن تصل إليها إلا إذا هداك الله تعالى.
- الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
قال عثمان: لو كان الخير بيدي هذه وقلبي بيدي هذه ما استطعت أن أضع الخير فيه إلا أن يكون الله هو الذي يضعه.
قد يقول قائل... إذا كان الأمر كذلك فماذا عساي أن أفعل؟
اطلب الهداية منه وهو يعطيك:
«وقال ربكم ادعوني أستجب لكم»
لهذا انظر إلى أفضل سورة في القرآن إياك نعبد وإياك نستعين
اهدنا الصراط المستقيم
إذاً أنت الذي تقبل على الله إذا أردت الهداية ولا تجلس في البيت وتقول الله ما هداني..
هنالك أصول للتعامل مع الله أنت الذي تأتي إلى الله
«إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»
رجل عابد ذهب إلى وسط الصحراء، فوجد غرابا أعمى ومكسور الجناح، فقال: سبحان الله كيف يأكل هذا ويشرب؟
وبينما هو كذلك إذ أتى غراب آخر صحيح فلما اقترب منه فتح الأعمى فمه فأطعمه..
فقال الرجل: والله لقد أراني الله آية! كيف أسعى أنا لرزقي والله قد كفى هذا الطير..
فذهب إلى كهف ليتعبد فيه... فقام أحد العلماء فسأل عنه فقالوا ذهب إلى كهف يتعبد فلحقه فسأله
عن السبب فقال له حكاية الغراب فقال العالم: سبحان الله! ولم رضيت أن تكون الأعمى؟!
كيف تتعامل مع الله إذا هداك؟
1 - أول شيء تفعله أن تنسب هذا الفضل إلى الله وألا تصدق ولو للحظة أن لك يدا في هذه الهداية
- من يهدي الله فهو المهتد
يقول ابوسليمان الداراني: إن الرياح تجري بالسحاب
وإنما يجري العباد بتوفيق ربهم
2 - اهتم بعد هدايتك بالكيف لا بالكم..
اهتم بأعمال القلب أكثر من أعمال الجوارح، وهي ستأتي تبعا.
والذي يظن أن الغاية فقط أعمال الجسد بلا اهتمام بالقلب فهذا مثله كمثل ذاك الرجل الأمي الذي
لا يقرأ ولا يكتب وعنده رسالة وصلته يريد قراءتها فمر به رجل فقال له اقرأ لي الرسالة، فقال لا أستطيع أن أقرأها...
انتظر... فأخرج نظارته فلبسها ثم قال له: الآن أستطيع أن أقرأ..
فسأله الرجل: ما هذه؟ فقال الرجل: نظارة قراءة..
فذهب الأمي فاشترى نظارة مثلها يظن أنها السبب في القراءة!!
ولم يشعر بأن الرأس الذي خلف النظارة هو السبب.
كذلك الذي ظاهره التدين يظن أنه بلغ الالتزام والوصول إلى الله بالمظهر والصحيح أنه بلغه بالقلب والمظهر لا بالمظهر فقط.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (بتصرف):
«وقال الحسن تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وقال ابن عباس: ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب.
ثبت عن بعض السلف انه قال تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة».
فإذا اهتديت فالحمد لله... قد رضي الله عنك «أنت الآن تعيش في وسط رضى الله تعالى»
كيف تتعامل مع الله إذا رضي؟
- كيف أعرف أن الله راض عني؟
إذا كنت على طاعة فهو راض عنك..
ولماذا يغضب عليك... ولكن لا تأمن، لأن الأمن من العذاب وضمان الجنة هذا بحد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة..
قال تعالى:
«إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الفاسقون»
وهذا يسمى الاغترار بالله..
«يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم»
إذاً ماذا أفعل؟
ترجو رحمة الله وترجو رضاه... يعني تعمل الصالحات وفي الوقت نفسه تظن بربك أنه راض عنك صدقني سيرضى عنك
كيف أتعامل مع الله إذا رضي؟
- قد يقول قائل يعني كيف أتعامل مع الله إذا غضب... أحتاجه لكن كيف أتعامل مع الله إذا رضي؟
ما الذي أحتاجه الآن، خلاص، الله راض..
لاااا..
أنت الآن تحتاج أن تكون دقيقا في التعامل مع الله الآن أكثر من قبل..
لأن الوصول إلى الرضى شيء... والمحافظة عليه شيء آخر
الوصول إلى رضى الله تعالى سهل، لكن الثبات عليه هو الصعب..
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة..
أضرب لكم مثالا..
شخص لا يعرف الوزير ولم يدخل مكتبه قط!
فحصلت له ترقية وعينوه مديرا لمكتب الوزير
لا شك أنه الآن يريد أن يتعلم ما الذي يحبه الوزير... وما الذي لا يحبه... وما أوقاته المناسبة... وما أوقاته غير المناسبة
فإذا قال له قائل: أنت لم تكن تعلم من قبل هذه الأمور ولم يهمك ذلك... فلماذا تحرص عليها الآن؟!
طبعا سيقول لهم: أريد ألا أخسر هذا المنصب الذي كسبته!
ولله المثل الأعلى الذي رضي الله عنه يجب عليه أن يحافظ على هذه المكانة وألا يخسرها..
طيب ماذا أفعل؟
1 - أولا: ارض عنه كما رضي عنك
قال تعالى: «رضي الله عنهم ورضوا عنه»
ارض بما قسمه لك، ارض بجسمك، ارض بأبنائك، واحرص على الزيادة في كل خير... لكن احرص أن تكون بالنهاية في تمام الرضا عن الله..
- ثانيا: اصبر على رضاه...
رضا الله يحتاج إلى صبر، أن تصبر على الأوامر وأن تصبر عن النواهي وأن تصبر على أقدار الله هذا كله يحتاج إلى صبر،
حضرت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وجاءه رجل من أهل خراسان فقال: يا أبا عبد الله قصدتك من خراسان أسألك عن مسألة قال: له سل
قال: متى يجد العبد طعم الراحة؟
قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.
هذا فقط إذا فعلت الفرائض أما زدت النوافل فسوف تدخل مرحلة أخرى أعظم بكثير من مرحلة الرضى، إنها مرحلة الحب
قال الله تعالى في الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه.
كيف تتعامل مع الله إذا أحبك؟
ما شعورك إذا كنت تعيش على وجه الأرض تذهب إلى العمل... تأكل الطعام وتمشي في الأسواق والله تعالى من فوق سبع سماوات يحبك...
هل بإمكانك أن تستشعر أن الذي يحتاج إليه كل الناس قد اختارك من بين كثير من عباده فأحبك... إنه سبحانه لا يحب جميع الخلق وأما أنت فأحبك..
صدقني الأمر أعظم من أن تدركه العقول
قال تعالى: يحبهم ويحبونه، ليس العجب عندما قال تعالى: «يحبونه»
العجب أنه قال سبحانه «يحبهم»
يقول ابن القيم:
«ليس العجب من عبد يتقرب إلى سيده ويحسن إليه فهذا هو الأصل... ولكن العجب من الملك السيد كيف أنه يحسن إلى عبده ويتودد
إليه بأصناف العطايا والعبد معرض عنه!»
ولله المثل الأعلى ربنا سبحانه يحسن إلى عبيده، والعبيد معرضون عنه فإذا أحب الملك أحد عباده فهذا والله هو الفوز المبين
لا تستهن بمحبة الله حتى لا تزهد فيها
فإن الله إذا أحبك أعطاك الخير كله ومنع عنك الشر كله
لاتخف... أنت حبيب الله... بالله عليك مم تخاف؟
عليك أن تكون أهلا لمحبة الله
فإذا أحبك الله فأكثر من طلباتك له وأكثر من السؤال والدعاء، ولو أزعجك أي شي فاستعذ بالله منه ولن يضرك
لأن الله تعالى يقول عمن أحبه: «ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه»
وأما إذا حاول أحد أن يعاديك فمصيره الدمار.
قال تعالى في الحديث القدسي: «ومن عادى لي وليا فقد آذنته بحرب»
طيب، كيف أعرف أن الله أحبني..؟
الجواب: من العلامات أن يحبك الناس..
فإن قال قائل: هل يحبني كل الناس؟
الجواب: لا... محبة كل الناس ما نالها أحد... ولا حتى الأنبياء..
ولكن أهل الخير إذا أحبوك فهذا دليل على أن الله يحبك.
وهو دليل على أن كل أهل السماء من الملائكة وحملة العرش يحبونك
يحبك البشر، سألوهم لماذا تحبون فلانا... لا يدرون!
لكن من أول ما رأوه أحبوه
هل تحب أن أزيدك..؟
حتى الجمادات تحبك
كان صلى الله عليه وسلم يقول: «أحد جبل يحبنا ونحبه»
كيف تتعامل مع الله إذا أحبك؟
أولا: إذا أحبك الله فمن كمال الحياء أن تترك ما تحبه في سبيل ما يحبه هو..
فتقدم ما يحبه على ما تحبه..
ثانيا: إذا أحبك فعليك أن تعبد الله كأنك تراه
بحيث أن يكون الله تعالى هو سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها
أي أنه يفعل كل شيء لله
وهنا يظهر فقه النية:
بأن يقلب حتى المباحات إلى طاعات
قال ابن رجب:
«ومتى نوى من تناول شهواته المباحة التقوى على طاعة الله كانت شهواته له طاعة يثاب عليها كما قال معاذ رضي الله عنه إني لأحتسب نومتي كما أحتسب
قومتي يعني أنه ينوي بنومه التقوي على القيام في آخر الليل فيحتسب ثواب نومه كما يحتسب ثواب قيامه.
قال بعض السلف: {التقيُّ وقتُ الراحةِ له طاعةٌ، ووقتُ الطاعةِ له راحةٌ }..
والنية لا تُـتْـعِبُ أحدا... فلا تعمل ببلاش!!
ماذا حدث لمن طبق هذه النوايا في السابق؟
يقول أحدهم:
«والله لقد لمست السعادة بعد خروجي من المحاضرة»
إذا أحبك الله أصبحت تبحث عن كل ما يحبه الله لتفعله..
فإذا أحبك الله قد تتفاجأ أن البلاء بدأ يأتيك!
فقد يقول قائل أين المحبة؟
قال صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم
كيف تتعامل مع الله إذا ابتلاك؟
أحوال الناس مع المصائب:رجل يسخط روى ابن ماجه والترمذي ( حسن )
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط»
وقال أبو مسعود البلخي: من أصيب بمصيبة فمزق ثوباً أو ضرب صدراً فكأنما أخذ رمحاً يريد أن يقاتل به ربه عز وجل.
1 - ومن الناس من يعبد الله على حرف
2 - باللسان كالدعاء بالويل والثبور «ليقول الكلمة لا يلقي لها بالا»
3 - بالجوارح وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب».
وكان ابن عباس يقول: القَطران هو: النحاس المذاب
الثاني:رجل يصبر
قال بعض الحكماء: «العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أربعة أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم» انظر إلى هذا الذي بكى شديدا عند قبر أمه كيف أنه يضحك ملأ فيه في آخر يوم من العزاء أليس كذلك؟ «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»
البكاء لا ينافي عدم الصبر «وابيضت عيناه» إن القلب ليحزن..
الثالث :رجل يرضى
هذه المرتبة مستحبة وليست واجبة
قال الأحنف بن قيس: «بصري في أحد العينين ذهب منذ أربعين سنة ما ذكرت ذلك لأحد»
فإن العبد إذا كان قلبه مملوء بحب الله وحدثت له المصيبة «رأى أن الخالق مالكا وللمالك التصرف في مملوكه ورآه حكيما لا يصنع شيئا عبثا
فسلم تسليم مملوك لحكيم». كما قال ابن الجوزي.
هل علمت الآن السّر في أن الله أمرك أن تقول عند المصائب:
«إنا لله وإنا إليه راجعون» ؟
هل يتنافى الألم مع الرضى؟
قال ابن القيم في مدارج السالكين:
«وكثير من الناس يصبر على المقدور فلا يسخط وهو غير راض به فالرضا أمر آخر»
لرابع :رجل يشكر
لماذا يشكر؟
1 - تكفر سيئاته:
قال صلى الله عليه وسلم:
«فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة»رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا
2 - أن المصيبة أفضل له لأنها من أرحم الراحمين
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها»رواه أبو يعلى
قال الفضيل: « إن الله تعالى ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاءكما يتعاهد الرجل أهله بالخير»ر بشير الطبري
ومنهم بشير الطبري، سكن الشام، كان محفوظاً فيما امتحن به، مستسلماً فيما ابتلي به.
حدثنا محمد بن أحمد بن عمر، قال: حدثني أبي، حدثنا أبو بكر ابن سفيان، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثني أبو عمرو
الكندي، قال: أغارت الروم على جواميس لبشير الطبري نحواً من أربعمائة جاموس، فركبت معه أنا وابن له، فلقينا عبيده الذين كانت معهم الجواميس، معهم
عصيهم، فقالوا: يا مولانا ذهبت الجواميس. فقال: وأنتم أيضاً فاذهبوا معهم فأنتم أحرار لوجه الله. فقال له ابنه: يا أبت أفقرتنا. قال: اسكت يا بني، إن ربي
اختبرني فأحببت أن أزيده. الكتاب: حلية الأولياء المؤلف: أبو نُعيم الأصبهاني
3 - أنها أكثر أجرا وثوابا،
قالت امرأة حكيمة لما أتوا يعزونها: لولا المصائب لأتينا يوم القيامة مفاليس»
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال:
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء رواه ابن ماجه
3 - أيسر من غيره
أرأيت أرأيت..
كيف تتعامل مع الله إذا أعطاك؟
فيميز كما ميز كعب بن مالك عندما أتاه كتاب ملك غسان يقول فيه:
«بلغنا أن صاحبك قد قلاك فالحق بنا نواسك»
فقال: «وهذا أيضا من البلاء»
ولم يقل: «أُنظر إلى الفرج من الله!» لأنه يعرف الفرق بين العطية والبلية.
قد يرزق الرجل المال ويظن أنه نعمة وهو فتنة له.
قد يرزق العبد منصبا وهو في نظر الناس أنه كرم له، مع أنه قد يكون في الحقيقة بلاء.
ملاحظة: إجابة دعائك ليس دليلا على محبة الله لك.
قال ابن القيم: «وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه وشقوته ويكون قضاؤها له من هوانه
عليه وسقوطه من عينه ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ويعامله
بلطفه»
كيف أعرف إذا كانت إجابة الدعاء كرامة أم هوان؟
الجواب: بحسب حالك بعد حصول النعمة.
- فإن تمام الخذلان الانشغال بالنعمة (أي:ما طلبته من الله) عن المنعم (وهو الله تعالى).
كيف تتعامل مع الله
إذا دخلت بيته؟
نحن في كل يوم نذهب إلى أماكن مختلفة وندخل مباني متنوعة
المنزل
مبنى العمل
السو ق بيت الجد أو الجدة
الديوان... أماكن كثيرة
ولكن ما هو أكثر مكان تحبه
أكثر مكان نحبه هو المكان الذي يحبه الله أكثر. . إنه بيت الله
مسجد الله
ولدخول المسجد معاني وأسرار تأملك لها يجعلك تدخل المسجد بروح تختلف عن روح الذين يدخلون المسجد برتابة آلية ولا يستشعرون اتجاهها أي شيء..
يقول أحد الذين تعرفوا على هذه الأسرار
« دخلت المسجد بعد أن تأملت أسرار المساجد فكأني لم أدخل المسجد من قبل أبدا»
فلنأخذ بعضا من هذه الأسرار..
ربنا تعالى خلق الخلق لغاية واحدة فقط
خلقهم لكي يحبوه
قال ابن القيم: ما خلق الله الروح إلا لمحبته سبحانه»
والمحب يشتاق لمحبوبه ويود رؤيته
ومن عادة المحبوب أنه إن لم يجد محبوبه فإنه لا أقل من أن يقصد مكانه ويذهب إلى بيته
والله تعالى هو الذي خلق القلوب فهو أعلم من غيره بما تحتاجه هذه القلوب
فيعلم أن الذين يحبونه من خلقه يشتاقون إليه
ولكنه سبحانه قد احتجب عن الخلق في الدنيا بحجاب فلا يرونه... وأخر موعد اللقاء إلى القيامة
إلا أنه جعل له في الأرض بيتا ينسب إليه فيقال بيت الله
هو المسجد الذي لا يملكه أحد... حتى الدولة لا تملكه موقوف لله لا يهدم ولا تباع أرضه ولا تؤجر
وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا
المسجد بيت الله لا تصلح له الدنيا ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الناس على من كان يبيع ويشتري بالمسجد فكأن الإنسان عندما يتوضأ كأنه
يغسل عنه آثار الدنيا ليدخل في رحاب الآخرة ثم يتساوي أهل الدنيا فيه، لا غني لا فقير... ولا أمير ولا خفير... الكل سيضع وجهه في الأض أمام فاطر
السموات والأرض، لا يوجد رأس مرتفع وآخر منخفض الجميع على الأرض، دنانيره وشركاته في الخارج... كبرياء المنصب وأنفته في الخارج أما الآن فذل
بين يدي عزيز. . الذي أتى أولا هو الذي يقف في المقدمة والأكثر حفظا للقرآن هو الذي يكون خلف الإمام
وقد دعا الله عباده وأحبابه إلى هذا المكان ففي الحقيقة الذي يذهب إليه لا يذهب إلى الجدران والأحجار بل يذهب إلى الله الواحد الغفار ليقابله في
قال صلى الله عليه وسلم:
«إن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت»
أود أن تستشعر عند ذهابك إلى بيت الله أنك تريد أن تعتذر عن ذنوبك وكلنا عندنا ذنوب كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
فتريد أن تعتذر عن ذنوبك فتذهب إلى ربك لكي تسأله الصفح والمغفرة فتذهب إلى بيته
والكريم غالبا إذا جاءه المخطئ إلى بيته فإنه يسامح ويتجاوز
وربما حيي كريم يستحي من العبد إذا دعاه
فإذا ذهبت إلى ربك فاسأله تلك الرحمة
ألا ترى أنك تقول في دعاء دخول المسجد: اللهم افتح لي أبواب رحمتك
وإذا أذن الله لك بالدخول عليه في بيته فقد أكرمك
فكما أنك أنت لا تدخل بيتك أي أحد فإن الله تعالى أيضا لا يدخل بيته كل أحد
هل تحب أنت لكل أحد أن يدخل بيتك..
أيضا ربنا لا يحب أن يدخل بيته أي أحد
ولهذا ثبط الله همة بعض الذين لا يحبهم عن الذهاب للمساجد لأنه كره أن ينبعثوا إلى بيته ويدخلوه كما قال تعالى عن آخرين:
ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين.
وانظر إن شئت إلى المسجد الواحد كم عدد الذين يسكنون حوله وكم عدد الذين يدخلونه وستعرف ماذا أقصد
ولهذا إذا كنت أنت ممن اختارهم الله لدخول بيته فافرح في طريقك إذا ذهبت إليه
لأنه هو يفرح بك إذا ذهبت إليه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى إليه)
يقال بش فلان لصديقه: أي فرح به واقبل عليه
إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم، ولقدسية المكان الذي ستذهب إليه فإن الله يعظم كل خطوة تمشيها إليه
احداهما ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة
أما إذا دخلت إلى المسجد وكنت من أهله فإن الله يأمر أطهر المخلوقات أن تجلس معك...
إنها الملائكة... نعم ستحبك الملائكة لدرجة أنك لوغبت افتقدوك وإن مرضت زاروك
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم
حتى أن بعض مرتادي المساجد لربما يلاحظون في بعض حاجاتهم عونا خفيا يساعدهم لعله أن يكون ملكا من الذين جالسوه في المسجد يعينونه.
أما إذا زدت على هذا فجلست بعد الصلاة تنتظر صلاة أخرى فإن الأمر يزيد أصلا
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب
فرجع من رجع وعقب من عقب
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا قد حفزه النفس قد حسر عن ركبتيه
قال أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى رواه ابن ماجه، أي كرم وأي فضل لمن ذهب إليك ياربي
كيف تكرمه وتعطيه وأنت أكرم من سئل أجود من ابتغي وأرأف من ملك
والله لا تجد عظيما يتعامل معك بكل هذا التعامل إلا ربنا سبحانه
لهذا والله إن الإنسان ليستحيي من ربه لكثرة ما يعطيه
بل الأمر لا يقف عند هذا الحد
فلو وصلت إلى مرحلة تعلق قلبك بالمسجد وأصبح مرتبطا به فإن الله سيدخلك يوم القيامة تحت أكبر مخلوق في الكون
وصفه الله بأنه مخلوق كريم وبأنه عظيم وبأنه مجيد إنه عرش الرحمن
سرير ذو قوائم خلقه ربنا ثم استوى عليه أمر الملائكة بحمله وتعبدهم بتعظيمه
وهو سقف المخلوقات وأعظم المخلوقات وأعلاها وأوسعها وبذلك صار العرش بهذه الوصف لائقا بالرحمن
فقال تعالى: الرحمن على العرش استوى
هذا الشيء العظيم يدخلك الله تحته يوم تقترب الشمس من رؤوس العباد
وأنت تحت الظل الظليل
ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله قال صلى الله عليه وسلم:
«سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل ورجل قلبه معلق بالمساجد»
هل تخيلت نفسك مرة وانت تحت العرش ؟
أرأيت أن كيف أن المساجد عزيزة
وكيف أن بيوت الله غالية كل هذا يحدث لك إذا تعلقت بها
كيف تتعامل مع الله إذا كلمته؟
استحضر أنك تكلم شيئا يختلف عن كل الأشياء التي تتكلم معها.
فكن في غاية الأدب وفي غاية الخضوع..
مفتاح الإجابة الدعاء.
كما قال عمر رضي الله عنه:
«إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء معه فان الإجابة معه "
أكثرنا يدعو الله بغفلة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه»
رواه الترمذي وحسنه الألباني
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر:
«لقد اعتنى الله بي منذ صغري وعلمني وأنشأني حتى أنه كان يوقظني في أثناء الليل فأخلو بذكره والصلاة له
و كم قد قصدني عدو فصده عني وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي
ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مئتي ألف وأسلم على يدي أكثر من مئتي نفس
وكم سالت عين معتبر بوعظي لم تكن تسيل
و لقد جلست يوما فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه أو دمعت عينيه فقلت لنفسي:
كيف بك إن نجوا وهلكت؟
فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي إن قضيت علي بالعذاب غدا فلا تعلمهم بعذابي صيانة لكرمك لا لأجل لئلا يقولوا عذب من دل عليه..
إلهي فاحفظ حسن عقائدهم فيَّ بكرمك أن تُعْلِمَهُم بعذابِ الدليلِ عليك
حاشاك - والله يارب- »
| |
|
حبيبة عائشة عضو متميز
عدد المساهمات : 200 نقاط : 51791 تاريخ التسجيل : 22/10/2010 العمر : 37
| موضوع: رد: سـلسـلة كيـف تتعـامـل مـع اللــه؟ السبت أغسطس 13, 2011 12:18 pm | |
| كيف تتعامل مع الشهوة ؟
الشهوة في دمك .. والإثارة تحوطك .. ليست مشكلة..
صدقني ..
فالإسلام قد دلَّك على أسلم طريق للاستفادة بها.. وهو الزواج،
"من استطاع منكم الباءة فليتزوج" ..
أعلم أنك قد تقول: وماذا بيدي .. والأوضاع قد انقلبت حتى أصبح طريق العفاف صعبًا...
وتمسك الناس بمظاهر فارغة يتشبثون بها قبل إتمام هذه الخطوات "الأساسية "في حياة البشر
وكأنهم يتغافلون عن كونها أساسية وهامة جدا؟! أقول لك أعرف، وأزيدك: إن سبل الحلال
قد صعبت... وذللت طرق الحرام وتيسرت... كما حورب الزواج المبكر، بينما رُوِّج
للصداقات المشبوهة... واعتبر الزواج لدى الكثيرين "مسئولية" و"همًّا" ينبغي تأخيره، أما
العلاقات غير الشرعية فهي "خبرات" لابد للشباب أن يمروا بها !!.. أعرف كذلك أن كثيرًا
من الناس تناسى توجيهات الحبيب : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وأن:
" أكثرهن بركة أيسرهن مهورًا" . ومثل ذلك من الإرشادات التي تفضي إلى تسهيل عملية
الزواج..
هذه صورة صادقة لواقعنا، يمكن أن نظل سويًّا نزيدها سوادًا، وبالتالي تمتلئ نفوسنا ضيقًا
وأرواحنا تشاؤمًا، ولا نجد إلا أننا ضحايا ومظلومين، لكن يبقى السؤال وماذا بعد؟! هل
يدفعنا هذا إلى أن ننزلق وراء نداء الجسد فنَعُبُّ من الشهوات ونسير خلفها؟!
أم نقف على أرض صلبة من مبادئ ديننا وندرك ما نحن فيه ونسعى إلى معالجته؟! فنتأمل معًا
بعض الوسائل المعينة على تخفيف حدة الشهوة إلى أن يأذن الله بالفرج .. وأعني به الزواج
الذي يظل الحل الأسهل والأسرع والأقوى والدائم لهذا الأمر.
أولا :الشهوة واقع فتعامل معه
علينا ألا ترعبنا هذه الشهوة، ولا نصورها بأنها وحش سيفترسنا لا محالة، لكن علينا معرف
طبيعتها، فالشهوة جواد جامح يقف رهن إشارتك .. تستطيع أن تقوده فتتنزه به وتستمتع
بين الرياض والبساتين .. ويمكن أن يقودك هو فيضلك السبل ويخترق بك الأحراش فلا تجني
إلا الوحل… ومن أروع التشبيهات حول الشهوة في الإنسان: "إن الشهوة في الشاب كإناء
به ماء يغلي، فإن أغلقت عليه كل منفذ انفجر الإناء بأكمله، وإن نفست عنه بمقدار معقول
خرجت منه القوة التي تسير القاطرات الكبار، أما إن فتح غطاء الإناء لتبدد الماء ثم لا يلبث
الإناء أن يحترق كله" .. فهذا تمامًا هو الشاب الذي إن صرف الشهوة فيما يحل له استمتع
بحياته وتفرغ لعمله ودوره المنوط به في الحياة، لكنه إن كبت نفسه ولم يتزوج لانفجر لأنه لم
يُلَبِّ داعي الفطرة، وهو إن أطلق لشهوته العنان خسر الدنيا والآخرة ..
ثانيا: الصوم :
إنه العلاج الذي وصفه الرسول لمن عجز عن الزواج، وأعرف أن كثيرين يصومون ثم لا
يجدون شيئًا يتغير، فنار الشهوة لا تزال تطاردهم.. هؤلاء عليهم أن يتهموا أنفسهم، ويشُكُّو
ا في صيامهم...
ولتسأل نفسك: هل صمت كما يحب الله ورسوله؟ ..
هل أديت الصوم الذي يقوى داخلك وازع الله؟ ..
هل أديت الصوم الذي يؤكد كلمات الله؛ حتى تنتصر على أي أفكار خبيثة تنتشر؟ أم إنه
صيام الجوع والعطش؟ هل صامت العيون والآذان مع المعدة أم غابت؟ ..
هل أديت الصوم الذي ينتقل بالمرء من التعلق بكل ما هو مادي والسمو إلى كل ما هو
روحاني؟ ..
هل أديت الصوم الذي ينتقل بالمسلم رويدا رويدا ليقترب من مصاف الملائكة الممتنعين عن
الشهوات الذاكرين الله بلا كلل أو ملل؟ ..
ثالثا- غض البصر:
والبصر هو باب القلب الأول، وأقرب الحواس إليه؛ ولذا كثر السقوط من جهته، وكان لزامًا
على من خاف على قلبه أن يتحرك نحو شيء ما أن يغضه ويحفظه .. ولذا أراد الله أن يُحكم
الإنسان رقابته على هذا الممر، ويفحص ما يدخل منه لأنه سرعان ما يدخل إلى القلب،
… فانظر إلى كلمة "مسموم" وتعبيرها الدقيق، لعلك لاحظت هذا السم في نفسك، تصلي
فلا تشعر بحلاوة مناجاة، وتذكر ولا تتذوق طعم طمأنينة، وتقرأ القرآن ولا تطعم من الأنس
بالله، وهذا السم الذي يسري في القلب فيفسد العبادات، هو ذاته الذي يسري في الجسد فلا
تهنأ بطعم أكل ولا شرب ويصبح الطعم الغالب هو طعم المرض والوهن !!..
وفي توجيه الله تعالى: { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ } [النور:30] إشارة لطيفة لنا عن كيفية اتصال الفرج بهذه النظرة التي
يستهين بها البعض، إن التعبير بالفعل " يحفظوا" يشير إلى أن هذا الفرج أمانة... والأمانة هبة
من الله تنزع منك في أي وقت ولا يُسأل الله عن ذلك، عرف ذلك أحد الشباب وهو
يستعمل نظارة طبية فهو بين الحين والحين تأديبًا لنفسه يخلعها فيرى العالم حوله مشوشًا حتى
إذا استعملها مرة أخرى شعر بقيمة هذه العين، ثم بقيمة أن الله مكَّنه من استعمال نظارة ولم
يتركه هكذا، وقيمة أن نظره ليس أضعف من هذا، فيقول: إذن لا أقابل كل هذه النعم
بالعصيان . ويعاهد نفسه على عدم العودة للذنب ..
.. وفي المقابل فإن هذه العين التي صبرت عن الحرام، يُكتب لها السعادة والفرح ولا تعرف
الدمع أبدًا فقد قال رسول الله : ((كل عين باكية يوم القيامة إلا عينًا
غضت عن محارم الله "كم يستغرق هذا القرار من وقت.. قرار بسيط وسهل ولا
يستغرق، لا يحتاج إلى لحظة تنزاح فيها الغشاوة من الأعين فتبصر الحقيقة … وما بعدها
النعيم من حلاوة في القلب، ورضا في النفس، وسعادة بالانتصار.. ولذا فقد أعجبني شاب
كان كلما حدثته نفسه بالنظر إلى ما لا يحل فإنه يغمض عينيه ويردد: "لا إله إلا الله" ثلاث
مرات وهو يتذكر بيعته مع الله وعهده لديه، وأنه بهذه النظرة يمكن أن يُخِلَّ بحقيقة لا إله إلا
الله، وبالتالي فإنه يجد نفسه ممتنعًا عن المعصية…
رابعًا: الدعاء ...
هل تتذكر كم دعوت الله أن ينصرك في معركتك هذه وقد جمعت قلبك وأريت الله من
نفسك الاضطرار الذي يؤدي إلى الإجابة { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا
دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ } [النمل:62] .
هل عاهدت نفسك أن تقوم من الليل فتنتهز الفرصة التي يتنزل الله فيها إلى السماء الدنيا
فيجيب من سأله؟!.
هل أسررت إليه بحاجتك وهو يسأل هل من طالب حاجة فأقضيها له؟!.
هل قلت له: يا رب حاجتي ألا أقع في الحرام، وأن تسهل عليَّ الحلال، وأن تملأ عيني وقلبي
بك.. وألا تتركني فريسة سهلة للشيطان...
وإذا كان الرسول أكرم الخلق على الله وأبعدهم عن الحرام كان يردد في دعائه:
"اللهم إني أعوذ بك من فتنة النساء" في كل صلاة، وانظر
إلى صلاته كم كانت في اليوم والليلة... من منا يأخذ بالدعاء إلى هذه الدرجة؟! ومن منا
يراقب نفسه إلى هذا الحد ويشفق عليها أن تقع في الحرام؟!.
خامسًا: دوام الذكر...
قد يتعجب البعض أن يكون الذكر مبعدًا عن الحرام، وكيف ينهي اللسانُ الفرجَ؟!! وهذا
الكلام لمن لا يعرف، فالذكر هو حصن المؤمن التي يحتمي بها، والذكر باللسان هو المفضي
إلى ذكر القلب، وذكر القلب هو المفضي إلى ذكر أعلى وهو ذكر الجوارح.. وذكر الجوارح
هو الانتهاء عن عصيانه... ولذا قال ميمون بن مهران: "الذكر ذكران، فذكر الله -عز وجل-
باللسان حسن، وأفضل منه أن تذكر الله -عز وجل- عندما تشرف على معاصيه"..
وتطبيق هذا على هذه المرأة الذاكرة العظيمة التي اتفقت مع رجل على الزنا... فسألته لما
اختليا: "هل نامت عيون الرجال". فقال: "نعم". فقالت: "وعيون ربهم؟!" فبُهِت وتركها؛
فتابا إلى الله...
أعرف شابًّا كان إذا نازعته نفسه إلى إطلاق النظر إلى الحرام أغمض عينيه وقال ثلاثًا:
"لا إله إلا الله". مستشعرًا أنه بهذه النظرة قد يخفض داعي الله في قلبه ويناقض الشهادة،
إذا لم يكن للشاب همة إلى ربه فلم ينتهي عن المحارم فليس له أمل، إذا لم يكن للشاب هدف
في الحياة فما يمنعه أن يكون كالبهائم يرعى في كل أرض؟! لا يعبأ لمن هذه ولا ينظر أي
شيء يضره وأي شيء يفيده؟!.
ولم لا يكون الذكر حاجزًا عن المعاصي، والله سبحانه يقول: "فَاذْكُرُونِي
أَذْكُرْكُمْ" [البقرة: 152].
فكأن الله سبحانه يقول: اذكرني عند طاعتك أذكرك وأنت في حال المعصية، اذكرني بنعمي
أذكرك وأنت ضعيف فارغ القلب تهفو إلى الحرام فأحصنك وأقوي نفسك وأذهب عنك همزة
الشيطان وأوفقك إلى التوبة..
سادسًا: الانشغال بمعالي الأمور...
إن الإنسان الضعيف خاوي الوفاض لا يرى الدنيا إلا من خلال<
| |
|