هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن مناف القرشي ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أمه: لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت خالته.
مولده: ولد والنبي - صلى الله عليه وسلم- بالشعب فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم- فحنكه بريقه وذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات.
لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - في صغره لقرابته منه، وتوفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وله من العمر 13سنة وقيل 15سنة.
كان - رضي الله تعالى عنه- يلقب بالحبر والبحر لكثرة علمه وكان على درجة كبيرة من الاجتهاد والمعرفة لمعاني القرآن وانتهت إليه الرياسة في الفتوى والتفسير.
وكان عمر يُجلسه في مجلسه مع كبار الصحابة ويدنيه منه ويقول: « ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً ».
وقال فيه ابن مسعود: « نعم ترجمان القرآن ابن عباس ».
وقال عنه عطاء: ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس، أصحاب القرآن عنده، وأصحاب الفقه عنده، وأصحاب السير عنده يصدرهم كلهم من واد واسع ».
قال عبد الله بن عتبة: « كان ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قد فات الناس بخصال:
بعلم ما سبق، وفقه فيما احتيج إليه، وحلمٍ ونسب، وتأويل، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبق من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - منه ولا بأقضية أبي بكر وعمر وعثمان وعلي منه ».
قيل لطاووس لزمت هذا الغلام - يعني ابن عباس – وتركت الأكابر قال: إني رأيت سبعين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا تدارءوا أمراً صاروا إلى قول ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما-.
قرأ القرآن على أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وقرأ عليه مجاهد وسعيد وطائفة.
وروى عنه علي ابنه، وأخوه عكرمة مولاه، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة، وابن أبي مليحة وغيرهم كثير،بلغ عددهم مئتى نفس كما ذُكر ذلك في التهذيب.
ولابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- تفسير رواه عنه مجاهد وروى هذا التفسير عن مجاهد حميد بن قيس.
قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: جمعت المحكم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبض وأنا ابن عشر حجج.
وقال أيضاً -رضي الله تعالى عنهما-: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا الرقيم، غسلين، حناناً.
عن ابن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل قام شطر الليل فسأله أيوب: كيف كانت قراءته؟ قال: قرأ ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ .... ﴾ [ق: 19 ]، فجعل يرتل ويكثر - في ذلك- النشيج.
وقال طاووس: ما رأيت أحداً أشد تعظيماً لحرمات الله من ابن عباس.
وعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: لما توفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اليوم كثير فقال: واعجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ترى؟ فترك ذلك وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتيه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه فتسفي الريح التراب فيخرج فيراني فيقول يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إلي فآتيك فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك، قال فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي فقال: هذا الفتى أعقل مني.
قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وقال عمر: لا يلومني أحد على حب ابن عباس.
وقال الأعمش: حدثنا أبو وائل قال خطبنا ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- وهو أمير على الموصل فافتتح سورة النور فجعل يقرأ ويفسر فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثل هذا، لو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت.
قال تلميذه مجاهد: إنه إذا فسر الشيء رأيت عليه النور.
قال علي: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق.
قال ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: ابن عباس أعلم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وختـامـاًنقـول:
ليس الهدف من سرد السير هو التسلية وملأ السطور والفراغ، إنما الهدف هو أن نتخذ من هؤلاء القدوة والأسوة، وأن نجعلهم لنا هدفاً سامياً لابد أن نصل إليه وأن نتشبه بهم، فمن رمى هدفاً بسهم إما أن يصيبه فيكون بذلك قد تمكن من بغيته، وإما إن لم يصبه فلا شك أن سهمه اقترب إلى الهدف وأصبح دونه.