نصيحة في الحذر من فتنة ( الإنترنت ) ، وكيفية النجاة منها ؟ -
--------------------------------------------------------------------------------
السؤال : فضيلة الشيخ ! أمة الإسلام مستهدفةٌ من أعدائها قد تكالبوا علينا من كل صوب ، آخر شرهم - وهو من أخطر الشر في نظري - ما يسمى بـ ( الإنترنت ) الذي غزا البيوت ، بل فتحت له مقاهي يحضرها الأطفال والشباب قبل الكبار وينادى بفتح مثلها للنساء ، وأعظم ما يعرض في هذه المقاهي الجنس وساقط الأخلاق .
فما نصيحتك لنا في التعامل مع هذه ( الفتنة ) ؟
وما حكم فتح هذه المقاهي وغالب ما يشاهد فيها الفساد - نفع الله بك - ؟
الجواب : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ؛ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الفتن حذر منها النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أعظم تحذير ، وأخبر أنها ستكون فتنٌ يرقِّق بعضها بعضًا ، كلما حدثت فتنة قال الناس : الفتنة السابقة أهون من هذه ، أي أن الفتنة الحادثة تجعل الفتنة السابقة رقيقة سهلة ؛ وذلك لأنها أعظم وأشد ، وهذا هو الواقع .
لقد سئم الناس وتعبوا وملوا وأنكروا من القنوات الفضائية ، فجاء هذا ( الإنترنت ) الذي أصبح الإنسان يخاطب المرأة وجهًا لوجه ، ويشاهد ما يريد من الشر والفساد ، ولكن سمعت أن حكومتنا - وفقها الله - وضعت حاجزًا عن نشر الأخلاق السيئة في ( الإنترنت ) ، وهذا مما تشكر عليه الحكومة ، ومما يدل على رعايتها الرعاية الطيبة لشعبها ، وهي وإن سيطرت على جهة ما قد لا تسيطر على كل جهة ، ولكن هي في طريقها - إن شاء الله تعالى - إلى السيطرة على هذا كله ، ومنع ما يسيء إلى الدين أو إلى الأخلاق ، ولكن الحكومة ليست كل شيء ، أليس كذلك ؟
ليست كل شيء ، إنما يجب على الشعب نفسه أن يتقي الله عز وجل وأن يتجنب ما فيه ضررٌ مما تنشره ( الإنترنت ) ، وكل إنسان راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته ، والله لو طبقنا هذه المسؤولية التي أخبرنا عنها رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لصلح الشعب ، فإن الشعب أفراد مكونة من بني آدم ، لو أن صاحب هذا البيت أصلح بيته ، والثاني أصلح بيته ، والثالث أصلح بيته ؛ لمشى الإصلاح وصلح الخلق ، لكن المشكل أن في البيوت رجالاً أشباه الرجال ولكنهم نساء ، لا يكاد يسيطر على بيته ، هو إذا جاء وأكلهم جاهز أكل ونام أو ذهب إلى متجره ولا يهمه ، وإذا جاء في الليل وجد زوجته على الفراش وهي متجملة له وقضى حاجته منها ولا يهمه ، أهذا رجل ؟!
لا والله ما هو برجل ، إن الرجل هو الذي يتفقد أهله ماذا صنعوا ؟ وماذا فعلوا ؟ وأين ذهب أبناؤه وبناته ؟ وأين رجعوا ؟ لأنه مسؤول مسؤول مسؤول ، وقد قال الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا . سورة التحريم ، ( الآية : 6 ) .
أمرنا أن نقي أهلينا نارًا ، وهذا يعني أن نربيهم التربية التي تقيهم النار ، ولكن مع الأسف أن كثيرًا من الرجال ليس برجل ، بل هو شبيه رجل وليس برجل ، ولهذا خطب بعض الخلفاء بعد أن اختلفت الأمة وقال : أيها الرجال ولا رجال ! أيها الرجال أشباه الرجال ! الرجل رجل بمعنى الكلمة .
فنصيحتي لكل واحد من إخواني المسلمين : أن يراقب أهله من ذكور وإناث ؛ لأنه مسؤول ، وإذا رباهم التربية الصحيحة انتفع بهم بعد موته ، صلحوا وصاروا يدعون له بعد الموت .
( الإنترنت ) فيه خير ، لا أقول : إنه شر محض ، بل فيه خير ، لكن مع ذلك فيه شرور : شرور في العقائد ؛ لأنه تنشر فيه عقائد بدعية بعضها مكفر وبعضها مفسق ، وفيه الشر في الأخطاء الكثيرة في الفتاوى ، يقوم المفتي ويفتي بما عنده وليس عنده علم ، وهذا خطر على العوام ؛ لأن العامي على اسمه عامي ، وكما قيل : العوام هوام ، والعامي إذا أفتى إنسان يوافق هواه ضرب صفحًا عن الفتاوى الأخرى ، وهذا ضرر ، وفيه ضرر في الأخلاق ، والدعارة والفساد ، وغير ذلك مما هو معروف ، فمن استفاد منه واقتناه لما فيه من المصلحة وسلم من شره ، فهذا من وسائل العلم ، وأما من أخذ بما فيه من خير وشر وشاهد ما هب ودب فهو على خطر .
أما ما يتعلق بفتح المقاهي فهذا لا يسأل عنه ، هذا له جهة مسؤولة عنه فليتصل بهذه الجهة .
فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين
" سلسلة اللقاء الشهري " : ( 75 )
جزا الله عنا المشائخ خير الجزاء و أسكنهم فسيح جناته