أختاه....هل تعرفين من هي الحوراء ؟
هل سمعتي وصفها ؟
هل تعرفي ممن تغار ؟
إذا أردت معرفة كل هذا فهيا بنا نكمل رحلتنا في دار النعيم, نحمل بشرى لأصحاب العفاف والحياء في الدنيا, إلى من ساروا على درب يوسف عليه السلام لما دعته أخوات امرأة العزيز في الدنيا بنداء "هيت لك", فرفعوا لهن جواب "معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي, إنه لا يفلح الظالمون" (يوسف:23).
فكافأهم الله تعالى بجزاء: "ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون" (يوسف:57).
أبشروا أيها الصالحون, فلا والله ما ضاع صبركم على شهوات الدنيا هباء، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه في الدنيا والآخرة.
فانظري أختي إلى كتاب ربك وسنة حبيبك لتشاهدي وصف تلك الحوراء في الجنة؛ تلك الحسناء الرائعة, التي كمل الله خلقها وخلقتها, فإنها محورة العين متوردة الخد, تكسوها النضرة, ويملؤها الجمال، أخاذة بنظرتها، ساحرة بحسنها. أما عينها فقال الله تعالى فيه: "وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون" (الواقعة:32-22).
فعينها واسعة ساحرة، قد اشتد سواد سوادها، وبياض بياضها, فزادها ذلك سحرا وفتنة، وأما بشرتها فيقول فيها تعالى: "كأنهن الياقوت والمرجان" (الرحمن:28)، "كأنهن بيض مكنون" (الصافات:49).
فجمعت بياض في حمرة، ونضرة ونعومة، حتى ليستحيي من جمالها الشمس والقمر. وأما رائحتها؛ فاسمع إلى حبيبك صلى الله عليه وسلم حين يقول: "ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض، لأضاءت ما بينها -أي المشرق والمغرب- ولملأت ما بينهما ريحا. ولنصيفها -أي الخمار-خير من الدنيا وما فيها"، (صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
فيا لهذه الساحرة من:
غادة ذات دلال ومرح يجد الناعت فيها ما اقترح
زانها الله بوجه جمعت فيه أوصاف غريبات الملح
وبعين كحلها من غنجها وبخد مسكه فيه رشح
ونساء الجنة كلهن أبكار، لم يمسهن أحد من الإنس والجن، قال تعالى: "إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا" الواقعة 35-37. والمرأة العروب هي المتحببة إلى زوجها التي تتقن فن ملاعبته ومغازلته، وأما أخلاقهن فرفيعة عالية. جمعت طلاوة الحياء والحشمة، وحلاوة التودد والبسمة، وقصر الطرف، وحسن الإقبال، وجمال الوجه، وروعة الإهلال.
قال تعالى: "فيهن خيرات حسان" الرحمن 70. فالخيرات جمع خيرة، وحسان جمع حسنة، فهن خيرات الصفات والأخلاق والشيم، حسان الوجوه.
وقال تعالى: "حور مقصورات في الخيام"، فهن محبوسات على أزواجهن، لا يرين غيرهم في الخيام، ولا يردن غيرهم، ولا يطمعن إلى من سواهم، بما وهبهن الله من صدق العشرة، وصفاء الحب والمودة، والإخلاص لأزواجهن.
وقال تعالى: "وعندهم قاصرات الطرف عين" الصافات 48؛ أي أنهن يقصرن أبصارهن على أزواجهن إعجابا بهم وحياء.
ونساء الجنة مع زهو جمالهن ورقة أبدانهن ونعومة أشكالهن وسحرهن وحسنهن، ومع ما تحلين به من دماثة الأخلاق، وحسن العشرة، ومع ما وهبهن الله من الأصوات العذبة والأغاني الحسنة البديعة، إلا أن الله تعالى قال في كتابه: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون" الروم 14-15؛ فالحبرة هي اللذة والمتاع
.أنحن خير أم الحور العين؟؟
بالطبع أختي بعد أن سمعتي وصف الحور العين، وكم هي جميلة، فسوف يتردد في ذهنك سؤال سبق وتردد في ذهن أم المؤممنين أم سلمة رضي الله عنها وقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: " أنحن خير أم الحور العين خير؟"
أي يا ترى إذا دخلنا الجنة سنكون مثل الحور العين أم أنهن أجمل...؟
وإليك المفاجأة...
إعلمي أيتها الأخت الصالحة، يا من آثرت رضا مولاك على هواك، يا من صنت حياءك وعفافك في الدنيا، فصانك الله في الدنيا والآخرة وزانك؛ اعلمي أيتها الجوهرة, أن لك في الجنة مثلما للرجال تماما من أصناف النعيم، وإن كان للرجال الحور العين، فأنت لك زوجك الذي كمله الله تعالى في الجنة بجمال الخلق والخلقة، والصحة والشباب والفتوة.
بل إن الله عز وجل فضلك على سائر الحور العين في المنزلة والجمال والكمال، وكيف يسويك الله بهن وقد سجدت لله تعالى في الدنيا، وركعت، وجاهدت نفسك في ذات الله تعالى....
واسمعي ما رواه الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أزواج أهل الجنة لغنين أزواجهن، بأحسن أصوات سمعها أحد قط، وإن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ينظرون بقرة أعيان. وإن مما يغنين به: نحن الخالدات فلا نمتنه، نحن الآمنات فلا نخفنه، نحن المقيمات فلا نظعنه" (صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب).
قالت عائشة رضي الله عنها: "إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة، أجابتهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا: نحن المصليات وما صليتن، نحن الصائمات وما صمتن، ونحن المتوضئات وما توضأتن، ونحن المتصدقات وما تصدقتن"، قالت عائشة رضي الله عنها: "فغلبنهن" (التذكرة للقرطبي ص:425).
تقابل النيرين:
النيران؛ هما الشمس والقمر، فاسمعي أيتها الغالية ذلك المشهد البديع، عندما يقابل كل منكما الآخر في جنات النعيم، فيصف ذلك الإمام ابن القيم رحمه الله فيقول: "وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم، فهن الكواعب الأتراب اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنضود ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور.
تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت، وإذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين؟، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق العشيقين...." إلى آخر كلامه رحمه الله؛ (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص:119).
منقول