(لذات القلوب)الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله -
--------------------------------------------------------------------------------
(لذات القلوب)
لذات القلوب :
فأما لذَّات القُلوب وحصُول سُرورِها وزَوال كَدرِها فإنَّما أَصل ذلكَ بالإِيَمانِ التَّام بما دَعا الله عبادَه إلى الإيمان بهِ مِن الإيمانِ بتَوحده بجَمِيع نُعُوت الكَمالِ وامتلاءِ
القَلبِ مِن تَعظيمه وجَلاله ومن التَّألُّه له وعبُودِيته والإنابة إليه وإخلاص العَمَل الظَّاهِر والباَطِن لوجهِه الأعلَى، وما يَتْبَع ذلكَ مِن النُّصح لعَبَادِ الله ومَحبَّة الخير لهم
وبذلِ المقدُور مِن نَفعهم والإحسانِ إليهم والإكثار مِن ذكر الله والاستِغفَار والتَّوبَة فَمن أوتي هَذه الأمور فَقد حَصل لَقَلبه من الهدَايةِ والرَّحَمةِ والنورِ والسرور
وزوالِ الأكدارِ والهموم والغمومِ ما هو نُموذج مِن نَّعيم الآخرةِ، وأهل هذا الشَّأنِ لا يغبطُون أربَاب الدُّنيا والملوك عَلى لذَّاتِهم وريَاسَاتِهم بل يرون ما أُعطوه مِن
هذه الأمور يَفوق ما أُعطيه هؤلاء بأضعَافٍ مُضَاعَفَة. وهذا النَّعيم القَلبي لا يَعرفه حقَّ المعرِفة إلا مَن ذَاقه وجرَّبه فإنه كما قيل :
مَن ذَاقَ طَعمَ نَعِيمِ القَوم يَدرِيه = ومَن دَرَاهُ غَدًا بالرُّوحِ يَشرَيه
فَهذا إشارة لطَرِيق هذا النَّعيم القَلبي الذي هُو أصلُ كلِ نَعيم.
(كتاب انتصار الحق ص29 _للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله )
والله الهادي إلى الصواب.