كثيرا ما نرى ونقرأ اعتراضات من هنا وهناك على ربة المنزل (الزوجة التي لا تعمل)، رغم أن دورها لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الطبيبة أو المعلمة، فـالمرأة التي آثرت الاهتمام والعناية ببيتها وفلذات أكبادها وبرفيق دربها تستحق منا كل التقدير والاحترام والإجلال، إنّ هذا الدور – أعني دور الأمومة والتربية- قد تعرض في الآونة – ولا يزال- لهجمة شرسة على كافة المستويات الإعلامية، فالأعمال الدرامية والأفلام السينمائية لم تقدم لنا نموذجا واحدا لامرأة فضّلت – عن اقتناع- بيتها عن العمل ومتاعبه، فالملاحظ أن الدراما تحرص على تسليط الضوء على المهندسة والمذيعة والموظفة والسكرتيرة، ويندر – ولا أبالغ لو قلت ويستحيل- أنْ تجد عملا دراميا يشعر المتلقي بأهمية دور الأم التربوي والعاطفي والنفسي، بل ويزداد الأمر سوءا إذا علمنا أنّ دور الأم كثيرا ما يظهر بشكل ينفر المشاهد – أو بالأحرى المشاهدة- من عبء هذه المهمة السامية، فنجد تطويلا في مشاهد الولادة وآلام المخاض، ونجد مبالغة في تصوير متاعب الأبناء ومشاكلهم، ونجد تهويلا لحجم الكاهل الملقى على عاتق رب الأسرة وخصوصا التزاماته المادية.
كثيرون ينكرون على الزوجة إذا آثرت البقاء في مملكتها لتربية الأولاد والعناية بشؤون المنزل، ونقرأ بين الفينة والأخرى تعليقات ساخرة تقلل من شأن هذه الزوجة بل وتحقرها في بعض الأحيان على أساس أن هذا يضاد حقوق المرأة ويقلل من شأنها..
على الجانب الآخر، لم نجد شخصا أو هيئة يعترض أو يتذمّر من اللواتي يعملن بصفتهن (خادمات) أو (شغالات) في البيوت، صحيح أننا نجد تشديدا على أهمية حفظ حقوقهن وعدم تعرضهن لأية مضايقات من أي نوع من المقيمين في المنزل، لكن فيما عدا ذلك فإننا لا نرى أي تحفظ أو اعتراض على هذه (المهنة)..
في حين نجد العويل والبكاء على تلك الزوجة المسكينة التي بقيت في بيتها تربي أولادها وتنشئ جيلا جديدا يسهم في تحقيق النهضة التي تنشدها مجتمعاتنا، فياللعجب!
زوجة تخدم زوجها وأبناءها وبيتها، وهي مأجورة على ذلك من رب العزة والجلال، ولها من الحسنات ما الـله به عليم، نجد من يعترض عليها بحجة حماية حقوق المرأة ومنع إهدار كرامتها، بينما الشغالات يملأن جحور البيوتات العربية ولا أحد يعترض أو ينكر، لماذا؟؟
إنّ الأم تعمل بلا مقابل (مادي)، وبالتالي فهي – طبقا للاقتصاد البحت- غير منتجة اقتصاديا لأنها ببساطة تعتبر ((عاطلة)) ، نعم لا تتعجبوا فهذه هي أعراف هيئة الأمم المتحدة فيما يخص الاقتصاد والإنتاج..
أمّا الشغالة أو الخادمة فهي تعمل (وتتقاضى أجرا)، لذا فهي منتجة ولها دور في المجتمع على تلك ربة المنزل التي لا تعمل ولا تنتج – بالمعنى الاقتصادي الرأسمالي لمصطلحي العمل والإنتاج-!
سبحان الـله!
الزوجة التي تربي أجيالا، وتخدم أزواجا، وتنشئ بيوتا على الأخلاق والفضيلة ، وتحمي المجتمع من الانهيار بفعل عوامل مثل المخدرات وانحدار المستوى الخلقي وتفشي الجريمة وعقوق الوالدين وتجاهل كبار السنّ، هذه الزوجة ليست ذات قيمة لدى الغرب وهيئاته، وجمعيات حقوق المرأة ومنظماتها!