بليتان من بلايا العصر , و موقف المسلم الصادق منهما -
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله وحده ؛ و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ؛ و على آله و صحبه , و من اقتفى أثرهم إلى يوم الدين ؛ أما بعد :
فإنه من حكمة الله - تعالى - أن يبتلي عباده المؤمنين و يختبرهم ليعلم الصادق من الكاذب حيث قال - تعالى - :
(( ألم(1)أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3) )) [العنكبوت]
قال الشيخ السعدي - رحمه الله - :
"يخبر -تعالى - عن تمام حكمته ، وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال إنه مؤمن وادعى لنفسه الإيمان ، أن يبقوا في حالة ، يسلمون فيها من الفتن والمحن ، ولا
يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه . فإنه لو كان الأمر كذلك ، لم يتميز الصادق من الكاذب ، والمحق من المبطل . ولكن سنته تعالى وعادته في الأولين ، في
هذه الأمة ، أن يبتليهم بالسراء والضراء ، والعسر واليسر ، والمنشط والمكره ، والغنى والفقر ، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان ، ومجاهدة الأعداء بالقول
والعمل ، ونحو ذلك من الفتن ، التي ترجع كلها ، إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة ، والشهوات المعارضة للإرادة .
فمن كان عند ورود الشبهات ، يثبت إيمانه ولا يتزلزل ، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب ، أو الصارفة عن ما
أمر الله به ورسوله ، يعمل بمقتضى الإيمان ، ويجاهد شهوته ، دل على صدق إيمانه وصحته . ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا ، وعند اعتراض الشهوات ، تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات ، دل ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه .
والناس في هذا المقام : درجات ، لا يحصيها إلا الله ، فمستقل ومستكثر . فنسأل الله تعالى ، أن يثبتنا بالقول الثابت ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وأن يثبت قلوبنا على دينه ، فالابتلاء والامتحان للنفوس ، بمنزلة الكير ، يخرج خبثها ، وطيبها ." اهـ
و من الفتن التي ابتُلينا بها في عصرنا هذا الغزو الفكري الغربي , و ما خلفه من دمار في شتى المجالات
حيث إنه لم يقتصر فقط على الذين ليسوا متدينين فاغتربوا ؛ بل لِحق حتى بمن يزعم الديانة و يتصدر لتدريس الناس و تعليمهم الدين !
و مما ورثه المسلمون من الغرب الكافر المجرم : المظاهرات ضد الحكام
حيث قلدوا الغرب كالعمى مصداقا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر , وذراعا بذراع ؛ حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم .
قيل : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟
قال : فمن ؟! )). متفق عليه
فلما ذهب كفار الغرب يظاهرون , ذهب مقلدوهم من بني جلدتنا يظاهرون
و نسوا - أو تناسوا - ما في ذلك من البلاء و المحنة العظيمة على الأمة و تشتيتها ؛ و زرع الرعب فيها و العبث بأمنها
و كان الواجب عليهم أن تكون كل خطوة قدموا عليها مبنية على ما تُرك فينا , ما إن تمسكنا به لم نضل عن الهدى بعده أبدا: كتاب الله و سنة نبيه - صلى الله عليه و سلم -
حيث لم يتركنا الله و لا رسوله - صلى الله عليه و سلم - عالة على الكفار نتكفف منهم الأحكام
فقد قال - صلى الله عليه و سلم - : (( من رأى من أميره شيئا يكرهه , فليصبر عليه ؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية )) [صحيح الجامع 6249]
و عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم ؛ كلما ذهب نبي خلفه نبي ؛ وأنه ليس كائن بعدي نبي فيكم.
قالوا: فما يكون يا رسول الله؟
قال : تكون خلفاء فيكثروا
قالوا: فكيف نصنع
قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول ؛أدوا الذي عليكم فسيسألهم الله -عز وجل- عن الذي عليهم )) [سنن ابن ماجة (2/ 958) ] و صححه الشيخ الألباني -رحمه الله -]
فهل بعد هذا الإرشاد إرشاد يا ذوي الألباب؟!!
أأترك قول من قيل فيه : (( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) )) [النجم] , لقول من قيل فيه : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً(168)إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169) )) [النساء] ؟!! أبدا ! لا يسعني ذلك و أنا أريد مرضات الله و دخول جناته !
أبدا و الله يقول : ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) [الأحزاب : 21]
و من تلكم البلايا الجديدة التي حلت بالأمة , ظهور سفهاء الأحلام الذين أخبرنا عنهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - حيث قال : (( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان , سفهاء الأحلام, يقولون من قول خير البرية ؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ؛ فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة )) [سنن أبي داود (4 /244) و صححه الشيخ الألباني ]
فقد ظهروا علينا , و يقولون من قول خير البرية ؛ لكن كما قال - صلى الله عليه و سلم - و هو الصادق المصدوق- : سفهاء الأحلام !
فلا دينا أصابوا , و لا عقلا وافقوا ؛ و إنما في الأرض أفسدوا ؛ و ما عليها خرّبوا ؛ و من فيها أرهبوا ؛ فلعنة ربي عليهم إلى يوم يلقونه !
فأتونا بالتفجيرات و العمليات الانتحارية التي شوهت شوارع المسلمين و مبانيهم
و زرعت الخوف و الرعب في أفوادهم
و أخذت منهم أقاربهم و فلذات أكبادهم
بل ! شوهت صفة ديننا الحنيف إلى العنيف !
هذا كله لعدم تحكيم شرع الله - زعموا - !
بينما هم في عدم تحكيمه وقعوا !
فليتهم سكتوا و تعلموا !
قبل أن فزعوا إلى ما قدِموا !
كيف ذلك , الله - تعالى - يقول : (( قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) [البقرة : 190]
فهم قتلوا من لم يَتَعَدَّ عليهم من الكفار - فضلا عن الأبرياء من المسلمين -
قال ابن كثير -رحمه الله في تفسيره للآية : "أي قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك ؛ ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي -كما قاله الحسن البصري- من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم ,والرهبان وأصحاب الصوامع وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة ؛ كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم ؛ ولهذا جاء في صحيح مسلم عن بريدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : (( اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع )) رواه الإمام أحمد.."
فأين هم من أمر الله -تعالى- , و أمر نبيه - صلى الله عليه و سلم - ؟!!!!
فكما قال أحد العلماء عنهم حين يستدلون بقوله - تعالى - : (( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون )) لتكفير حكام المسلمين: " لو تأملوا في مدلولها اللغوي لكفرّوا أنفسهم ! "
لكن , و كأن الأحكام الشرعية سقطت عليهم
بل تجدهم الآن يعيشون عند الطواغيت حقا , و يقال أنهم يتعاملون معهم ؛ و على رأس الطواغيت إنقلترا أكبر عدو للإسلام !
فانظروا أين الطرطوسي و أبو حمزة و أبو قتادة الوحشي !
فالذي ينبغي علينا تجاه ظلم الحكام و جورهم , هو ما أرشدنا إليه - صلى الله عليه و سلم - من الصبر عليهم و نصحهم ؛ لا الفزع إلى المظاهرات و السيف للخروج عليهم !
و هذا الذي كان عليه سلفنا الصالح و أوصوا به
قال حسن البصري - رحمه الله - : " و الله ! لو أن الناس إذا ابتلوا من قِبَل سلطانهم صبروا , ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ؛ و ذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه ّ ؛ وو الله ّ ما جاؤوا بيوم خير قط !.ثم تلا : ((وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )) [ الأعراف 137] " [الشريعة للآجري (1 / 73 ) برقم (63 )]
الله اكبر !
نعم الرجال سلفنا !
فنحمد الله - تعالى - أن هدانا للإسلام و السنة
و أن امتن علينا بعلماء يدافعون عنها , حفظا لذكره كما وعدنا - سبحانه و تعالى- و الله لا يُخلف الميعاد.
فعلماؤنا لم يسكتوا عن هذا الباطل ؛ و بيّنوا الموقف الصحيح الذي على المسلم الصادق أن يتخذه
لكن أبى أكثرهم إلا عنادا !
و نفورا !
بل و تنفيرا !
فالسعيد من هداه الله
و من يضلل , فلن تجد له سبِيلا
فاللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه ؛ و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه ؛ و لا تجعله ملتبسا علينا فنضل
و قنا -اللهم - برحمتك الفتن ما ظهر منها و ما بطن
و اجعلنا ممن يطيعون العلماء , و لا يتطاولون عليهم
و ارزقنا اتباعهم ما أرضوك يا أرحم الراحمين
اللهم وفق ولاة أمورنا لما فيه رضاك
و أصلح بطاناتهم , و اجلعها لمن خافك و اتقاك
و لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا و لا يرحمنا.
و دونكم إخواني بعض أقوال علماء الأمة الربانيين في حكم هذه السفاهات و الحماقات من المظاهرات و التفجيرات , عسى أن تنير الظلمات التي يعيش فيها من لُبِّس عليه أمر دينه , و خفي عليه الحق:
وهده بعض فتاوى أهل العلم في هدا الصدد فأنصت و أستمع و أنتفع :
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/baz_fetanalmodahrat.rm:فتوى لابن باز1
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/baz_modahrat.rm:فتوى لابن باز2
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/baz-oth_modahrat.rm:ابن باز وابن العثيمين
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/azi_egteylat.rm:العلامة عبد العزيز ال الشيخ
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/foz_modahrat1.rm:العلامة صالخ الفوزان
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/leh_thorat.rm:العلامة صالح اللحيدان
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/raj_modahrat-2.rm:العلامة عبد العزيز الراجحي
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/jab_egteylat.rm:الشيخ عبيد الجابري
http://fatwa1.com/anti-erhab/Tafjerat/obk_tafjerat.rm:العلامة الشيخ عبد المحسن العبيكان
والله ولي التوفيق و نسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن