لايخفى على المتتبع والدارس لتاريخ المسلمين ومسار الفكر اسلامي منذ الخلافة الراشدة وبالضبط منذ أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه ما حدث وذب من التفرق والإختلاف في صفوف المسلمين ووحدتهم الدينية والعقيدية ،حيث أصبحوا فرقا وشيع "كل حزب بما لديهم فرحون "،فكان ظهور فرقة الخوارج،وفرقة الروافض (ما اشتهر في الآونة الأخيرة إعلاميا بالشيعة )،إلى جانب جمهور المسلمين الذين بقوا مستمسكين بوحدتهم ودينهم كما كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .وتلى هذا التفرق فيما بعد ظهور المعتزلة والمرجئة وغيرهم من فرق الضلال والإنحراف الفكري والعقدي ،ولم يقف ذلك عند هذا الحد وإنما استمر التفرق إلى زماننا الحاضر،حيث أصبح البيت الإسلامي أكثر وأشد تشتتا وتفرقا مما كان عليه في السابق ،وهذا يتضح من خلال بروز مايسمون أنفسهم زورا و بهتانا ــ ومنورائهم وسائل الإعلام ــ "بالجماعات السلفية"مثل "السلفية الجهادية ""الهجرة والتفكير""الإخوان المسلمون ""الدعوة والتبليغ "وغيرها من الجماعات المتعددة الألقاب والأسماء ، المختلفة المشارب والأفكار وإن كانت كلها توصف بالسلفية وتنسب الى السلف وهما بريئان منها جملة و تفصيلا .
وهذا التفرق والإختلاف سبق وأن أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته حينما قال:"افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ،وافترقت النصارى على ثنثي وسبعين فرقة،وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ،قالوا ماهي يا رسول الله ؟قال ماأنا عليه اليوم وأصحابي "(1).
وأمام هذا الزخم الكبيروالتفرق العظيم أصبح طائفة من المسلمين ممن اختلطت عليه الأوراق والتبست عليه الأمور ـ وحق له ذلك ـ لاتكاد تميز بين أهل الحق الذين ما زالوا متمسكين بالدين الصحيح متشبتين بالطريق المستقيم ؛وبين أهل الباطل والضلال من الذين ركبوا هوى المخالفة والعصيان والإبتعاد عن جماعة المسلمين والإنفصال عنها وكان من نتيجةهذا الإلتباس اعتبار" السلفية"جماعة إسلامية ومذهب إسلامي.غير أن الحقيقة على خلاف ذلك التصوروالظن الذي لا يغني من الحق شيئا.ودحضا لهذه الشبهة المتهافتة نقول وبالله التوفيق:
...يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع شرح الحديث و المقصود منه في شروح الأحايث المعتبرة السنية. و لاسيما مراد النبي صلى الله عليه وسلم في آخره (كلها في النار إلا واحدة )فكثيرا ما زلت في فهمه الافهام و زاغت في شرحه الأقلام .