لحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عبده الذي أصطفى ، وبعد ،،،
فإن تصفيق الرجل من العادات الجاهلية السخيفة السفية المخالفة للفطرة السليمة العفيفة ، التي لا تصدر من عاقل فاضل ، وهي من عادات الكفار والمشركين كقوم لوط عليه السلام ، وكفار قريش ، واليهود والنصارى ، والمشركين عند تعجبهم أو استحسانهم لأمر أو لصدهم عن شيء يخالف كفرهم ، ودخلت هذه العادة القبيحة على الأمة المحمدية فأصبحت علامة السفهاء والسخفاء والساقطين والمائعين والمخنثين وأهل الرقص والغناء والأناشيد حتى أستحسنها أهل البدع والضلال والأهواء من مريدي الطرق البدعية الصوفية الباطنية ، وغيرها .
وما حدثت في عصر إلا وأنكرها علماء ذلك العصر ، بل لا نكاد نجد عالماً إلا وقد أنكر هذه العادة القبيحة ، وهذا دليل على ما استقر عندهم من أنها عادة وافدة محرمة لا تجوز ، والله المستعان .
•• وهذا جمع لأقوال بعض أهل العلم لمن حرم هذه العادة القبيحة على الرجال :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( قال السلف : المكاء الصفير ، والتصدية التصفيق باليد ، فكان المشركون يجتمعون في المسجد الحرام يصفقون ويصوتون يتخذون ذلك عبادة وصلاة ، فذمهم الله على ذلك ، وجعل ذلك من الباطل الذي نهى عنه ، فمن اتخذ نظير هذا السماع عبادة وقربة يتقرب بها إلى الله فقد ضاهى هؤلاء في بعض أمورهم ، وكذلك لم تفعله القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي – صلى الله عليه وسلم - ولا فعله أكابر المشائخ ) . " مجموع الفتاوى " : (3/427) .
وقال أيضاً : ( فأحدث قوم سماع القصائد والتصفيق والغناء مضاهاة لما ذمه الله من المكاء والتصدية ، والمشابهة لما إبتدعه النصارى ، وقابلهم قوم قست قلوبهم عن ذكر الله وما أنزل من الحق وقست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة مضاهاة لما عابه الله على اليهود ، والدين الوسط هو ما عليه خيار هذه الأمة قديماً وحديثاً ، والله أعلم ) . " مجموع الفتاوى " : (11/522) .
وقال أيضاً : ( السماعات المشتملة على الغناء والصفارات والدفوف المصلصلات فقد أتفق أئمة الدين أنها ليست من جنس القرب والطاعات ، بل ولو لم يكن على ذلك كالغناء والتصفيق باليد والضرب بالقضيب والرقص ونحو ذلك ، فهذا وان كان فيه ما هو مباح ، وفيه ما هو مكروه ، وفيه ما هو محظور ، أو مباح للنساء دون الرجال ، فلا نزاع بين أئمة الدين أنه ليس من جنس القرب والطاعات والعبادات ، ولم يكن أحد من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وغيرهم من مشائخ الدين يحضرون مثل هذا السماع لا بالحجاز ولا مصر ولا الشام ولا العراق ولا خراسان ولا فى زمن الصحابة والتابعين ولا تابعيهم ) . " مجموع الفتاوى " : (11/531) .
وقال أيضاً : ( وأما الرجال على عهده - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل قد ثبت عنه فى الصحيح أنه قال : ( التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ) ، و ( لعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثاً ، ويسمون الرجال المغنين مخانيثاً ، وهذا مشهور فى كلامهم ) . " مجموع الفتاوى " : (11/565) .
وقال أيضاً : ( ولهذا كان المكاء والتصدية يدعو إلى الفواحش والظلم ، ويصد عن حقيقة ذكر الله تعالى والصلاة كما يفعل الخمر ، والسلف يسمونه تغبيراً ، لأن التغبير هو الضرب بالقضيب على جلد من الجلود ، وهو ما يغبر صوت الإنسان على التلحين ، فقد يضم إلى صوت الإنسان ، أما التصفيق بأحد اليدين على الأخرى ، وأما الضرب بقضيب على فخذ وجلد ، وأما الضرب باليد على أختها أو غيرها على دف أو طبل كناقوس النصارى والنفخ فى صفارة كبوق اليهود ، فمن فعل هذه الملاهى على وجه الديانة والتقرب فلا ريب فى ضلالته وجهالته ، وأما إذا فعلها على وجه التمتع والتلعب فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ) . " مجموع الفتاوى " : (11/576) .
وقال أيضاً : ( وأما بالتصفيق ونحو ذلك فهو السماع المحدث فى الإسلام ، فإنه أحدث بعد ذهاب القرون الثلاثة الذين اثنى عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - حيث قال : ( خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، وقد كرهه أعيان الأمة ، ولم يحضره أكابر المشايخ ) . " مجموع الفتاوى " : (11/591) .
وقال أيضاً : ( وأما المسلمون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان فصلاتهم وعبادتهم القرآن واستماعه والركوع والسجود وذكر الله ودعاؤه ونحو ذلك مما يحبه الله ورسوله فمن اتخذ الغناء والتصفيق عبادة وقربة فقد ضاهى المشركين فى ذلك وشابههم فيما ليس من فعل المؤمنين المهاجرين والأنصار فان كان يفعله فى بيوت الله فقد زاد فى مشابهته أكبر وأكبر واشتغل به عن الصلاة وذكر الله ودعائه فقد عظمت مشابهته لهم وصار له كفل عظيم من الذم ) . " مجموع الفتاوى " : (11/596) .
وقال أيضاً : ( ومن غلط بعضهم توهمه أن النبى - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين حضروا هذا السماع سماع المكاء والتصدية والغناء والتصفيق بالأكف ) . " مجموع الفتاوى " : (11/598) .
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( والمقصود أن المصفقين والصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء - يعني بذلك مشركي قريش - ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم ، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم ، والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء ، فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعاً من المعاصي قولاً وفعلاً ) . " إغاثة اللهفان " : (1/244) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : ( والتصفيق منكر يطرب ويخرج عن الاعتدال ، وتتنزه عن مثله العقلاء ، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من التصدية ، وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال : وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ، فالمكاء الصفير والتصدية التصفيق ) . " تلبيس إبليس " : (1/316) .
وقال أيضاً : ( وفيه - يعني هذا الفعل - أيضاً تشبه بالنساء ، والعاقل يأنف من أن يخرج عن الوقار إلى أفعال الكفار والنسوة ) . " تلبيس إبليس " : (1/316) .
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : ( ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء ) . " الفتح " : (3/77) .
وقال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى : ( وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام : ( إنما التصفيق للنساء ) ، و ( لعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) ... ) . " قواعد الأحكام " : (2/186) .
وقال أيضاً : ( ومن هاب الإله وأدرك شيئاً من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل ، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، وقد قال تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ، وقد مضى السلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئاً من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، و إنما هو من أقبح الرعونات ) . " قواعد الأحكام " : (2/220) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى : ( وعبارة الحليمي يكره التصفيق للرجال فإنه مما يختص به النساء ، وقد منعوا من التشبه بهن كما منعوا من لبس المزعفر لذلك ) . " كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع " : (ص 298) .
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى : ( قوله أكثرتم التصفيق ظاهره أن الإنكار إنما حصل لكثرته لا لمطلقه ولكن قوله : ( إنما التصفيق للنساء ) يدل على منع الرجال منه مطلقاً ) . " نيل الأوطار " : (3/182) .
وقال النووي رحمه الله تعالى : ( ويسنّ لمن نابه شيء في صلاته كتنبيه إمامه لنحو سهوٍ ، وإذنه لداخل استأذن في الدخول عليه ، وإنذاره أعمى مخافة أن يقع في محذورٍ ، أو نحو ذلك ؛ كغافلٍ وغير ممميز ، ومن قصده ظالمٌ أو نحو سبع ؛ أن يسبح وتصفق المرأة ، ومثلها الخنثى ، بضرب بطن اليمين على ظهر اليسار ، أو عكسه ، أو بضرب ظهر اليمين على بطن اليسار ، أو عكسه ، وأما الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى ؛ فقال الرافعي : لا ينبغي فإنه لعبٌ ، و لو فَعَلَتْه على وجه اللعب عالمة بالتحريم بطلت صلاتها وإن كان قليلاً ، فإن اللعب ينافي الصلاة ) . " المجموع " : (1/196) .
وقال الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى : ( ويشرع التصفيق للنساء خاصة إذا نابهن شيء في الصلاة أو كن مع الرجال فسهى الإمام في الصلاة ، فإنه يشرع لهن التنبيه بالتصفيق ، أما الرجال فينبهونه بالتسبيح كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبه بالكفرة وبالنساء وكلا ذلك منهي عنه ) . " مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " : (الجزء الرابع) .
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله تعالى : ( ولا ينبغي للناس أن يستعملوا ما يسمى بالأناشيد لأن فيها أشياء من ذكر الله في هذا الحفل ، أو ما يصاحبها من تصفيق ونحو ذلك ، فإن هذه الأناشيد والتصفيق وما يصاحبها من أخلاق الصوفية ، ... فالتصفيق مع هذه الأناشيد الإسلامية غير مشروعة لأنها عبارة عن غناء لكن منسوبة إلى الإسلام ، ولا يصح هذا ) . " مجلة الدعوة " : (عدد : 1706) .
وجاء في فتوى " اللجنة الدائمة " في إجابة سؤال ورد عن التصفيق التلاميذ بالمدارس : ( لا ينبغي هذا التصفيق ، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهلية ، ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ) . " فتاوى إسلامية " : (4/332) .
هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وأزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين