هذا ما وقع في محاضرة الجلبي بكلية الشريعة

هذا ما وقع في محاضرة الجلبي بكلية الشريعة

كنت حريصا على حضور ذلك اللقاء الذي راقني عنوانه " القرآن والعصر" كما راقني أيضا ما سمعته عن ذلك المحاضر من كونه شخصية فكرية متميزة، ولم يتسن لي الأمر لمعرفة المزيد عنه.

ضج المدرج بالحضور ، وتسابق الطلبة نحو المقاعد بين سابق ومخلف وآخر يتنقل هنا وهنالك عساه يدنو منه خطوة أو خطوتين، تقدم أحد الإخوة فتلى على مسامعنا آيات من الكتاب العزيز، ثم مهد الدكتور اسماعيل شكري بكلمة عرف فيها بالمحاضر ، وما حصله من رتب ومناصب في مختلف الفنون، فبدأت أعناق الحاضرين تشرئب نحوه وتتوق لمعرفة المزيد.....وبموازاة مع هذا المشهد تناول الضيف كوب الماء ورفعه إلى فيه بيده الشمال، فكانت تلك الحركة غير مستساغة بتاتا، غير أن الأغرب من ذلك أنه تسنن في الشرب فشرب ثلاثا، مما جعلني بالذات أحس بأن في المسألة أمرا غير عادي....

تناول الدكتور المحاضر الكلمة ، ذكر في أولها أن كلامه سينتظم تحت عشرة مسائل ، ثم أخذ يحدثنا قبل ذلك عن حبه للقرآن واهتمامه به، وكأنه متهم بعكس ذلك، بعدها شرح لنا نظريته الفريدة التي مفادها السلام المطلق، ونبذ كل أشكال العنف والحرب، وكأنه يؤصل لأناس يعيشون في كوكب آخر ليس فيهم مؤمن وكافر وليس فيهم ظالم ومظلوم، وليست بينهم أحقاد ومصالح، أو أنهم يعيشون في عالم المثل حيث الخير وحده، لا أمريكا ولا إسرائيل، أو ربما ظن أنه يحاضر في تكنة عسكرية أو بين متمردين وأمراء للحرب، لكن غرض الرجل هو الطعن في شعائر الجهاد والقصاص والنهي عن المنكر، والدفاع عن النفس والعرض والأرض وغيرها، يا سبحان الله كأن أبناء الشريعة هم من يدير دفة الحرب في العالم!!!

وقد فرع الدكتور على هذه النظرية فريدة أخرى، حيث قال بأن الرجل (الفحل) هو مشعل الحرب ، والمرأة بالمقابل هي الوديعة المسالمة التي ما قادت حربا قط على مر التاريخ...

والأعجب من هذا كله ما سماه بالخبر غير السار، وهو انقراض الفحول يعني الرجال، ينقرض الرجال وتبقى النساء، وكأن النساء تمطر بهن السماء أو تنبتهن الأرض، فسبحان الله كلام لا خطم له ولا أزمة.

وكل هذه الأعاجيب استغرقت حوالي نصف ساعة، ظننا أنه بعد ذلك سيتحفنا بالمسائل العشرة، فإذا به يختم اللقاء بكل سهولة ويسر، حينها علمنا أن الرجل يغرد خارج السرب، فلم نر لا قرآنا ولا عصرا ، إلا ما كان من صلاة العصر التي تلتها المحاضرة، والقرآن الذي تلي علينا في المقدمة، ومادون ذلك فنظريات كاسدة.

ترك الدكتور المحاضر مجالا لمداخلات الطلبة، وأبدى ألا مانع من القسوة في النقد، ليس ذلك من باب التواضع وإنما لأنه أعرف الناس بنفسه وظن أننا عرفناه أيضا على حقيقته.

غير أن الطلبة ولله الحمد لا تنطلي عليهم مثل هذه الأفكار، إذ أبدوا رفضهم لما قال بالإجماع، خصوصا نظريتي السلم وانقراض الرجال، وحتى النساء اللاتي تظاهر بالدفاع عنهن، قامت إليه إحدى الطالبات فردت عليه بكلام قوي له حجة، وكذلك رد عليه الأساتذة الحاضرون...

لما أعطيت الكلمة للدكتور من أجل التعليق على تساؤلات الطلبة، جعلها فرصة للكشف عن حقيقته ، لأنه أمن من الرد هذه المرة ، والجبان لا يطلب المبارزة إلا إذا خلا له الميدان، فجال الرجل وصال ليشكك في الحجاب والقرآن ويطعن في العلماء المفسرين ، بل ليطعن فيمن أمامه، ويطلب منهم بكل وقاحة أن يستبدلوا عقولهم بأخرى متفتحة!!! والله المستعان

طبيب جراح لم يتلق أي تعليم شرعي، يسمح لنفسه أن يتحدث في العلوم الشرعية، ولا أدري هل يرضى الدكتور أو يسمح لأحد علماء الشريعة أن يجري عملية جراحية لآحاد الناس، بالطبع لا!! فلماذا هذا التطفل على التخصصات..

ولقد ذكرني هذا بما وقع في إحدى الندوات حين قام أحد المشاركين من خارج الكلية غير المتخصصين في العلوم الشرعية، قام قبل الندوة ليشرح للطلبة نشوء فكر الخوارج ـ وهم الذين درسوا الفكر الإسلامي بتفصيل ـ فكان مما قال بأن معاوية رضي الله عنه اتهم عليا بقتل عثمان رضي الله عنهم جميعا، وكان الدكتور محمد شرحبيلي حفظه الله إذاك حاضرا، فقام إليه فأخذ منه اللاقط وطلب منه التوقف لأن ذلك الكلام لا يصح ولم يقل به أحد، ثم شرح للطلبة فكر الخوارج كما هو معلوم.

هذا ما أريد أن أسجله حول محاضرة الجلبي الذي أجلب علينا بخيله ورجله، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لكان الرد أقوى وأنكى لكن قدر الله وما شاء فعل والحمد لله الذي حفظ أبناء الشريعة من هذه الأفكار الدخيلة.

السلام عليكم ورحمة الله جزاكم الله خيرا أخي ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحفظ أبناء كلية الشريعة وسائر المسلمين من مثل هذه الافكار

بسم الله الرحمن الرحيم
إن ما قاله الجلبي ليس غريبا إذا علمنا أنه متأثر بأبي شقة وصهره جودة سعيد
وكما قال الشاعر :
ومن يكن الغراب دليله يمر به على جيف الكلاب