أُولى وظائف الإعلام الإسلاميِّ أن يَسْتعمِل سُلطانَ الصوت، والصورةِ، واللونِ، والحرفِ المطبوع، وفنَّ الإخراج، لتبليغ الدعوة، وترديدها على الأسماع، والأبصار، والأنفس، والعقول، بشتى الأساليب، حتى تنطبع بها الأخلاقُ، والأفكارُ، والسلوك. الأصلُ هو التبليغُ المباشر من فم لأذن، فإذا دخلت بين الداعي والمدعو وسائل أخرى فهل يؤمَنُ التلوثُ؟ بعبارة أخرى: ألا يُفْسِدُ الشكلُ الإعلاميُّ الرسالةَ التي يحملها، و يُشَوشُ عليها، ويُلْهِي الناظرَ والسامعَ والقارئَ عن المضمون؟ قد يقول قائل: هذا كلام الله أمرنا أن نتغنَّى به الغناءَ السنيّ، وأن نجوِّدَه، وأن نُحَبِّرَهُ. لكن كيف نستبيح أن تدخلَ الصورة الصناعية في العملية؟وكيف يُسجل كلام الله على أشرطة لا ندري من صنعها ومم صنعت؟
هذه الذهنيةُ موجودةٌ، ونذكر جميعا المعارك التي حمِيَتْ بين متفقهة المسلمين لما ورد البرق والهاتف والمذياعُ. ولعلنا لا نحتاج إلى كثير من العناء لنُقِرَّ بأن النظرَ الحرام حرامٌ مباشرة وبواسطة المرآة. فلو أنَّ مُكَلَّفا نظر إلى عورة غيره في المرآة لكان مرتكبا للذنب،ولو أنه تجسس بسمَّاعة لكان كالمتجسس بالأذن المباشرة. فكذلك النظر والسماعُ بوسائطِ الكهرباء والإلكترون، ما كان منظرا أو سماعا حلالا في الحس المباشر فهو حلال في الحس الموسوط، وما لا فلا