فراسة مالك
وقد كان مالك ذا فراسة
قوية تنفذ إلى بواطن الأمور، وإلى نفوس الأشخاص، يعرف
ما يخفون في نفوسهم من حركات جوارحهم، ومن لحن أقوالهم.
وإن الفراسة صفة تتكون في الشخص من قوة إحساسه، وشدة يقظته
العقلية والنفسية، ونفاذ البصيرة، والتتبع الشديد لحركة
الأعضاء، والتجارب الكثيرة لعقل قوي أريب .. وذلك كله
يهبه العليم الخبير، والتربية تنميه وتقويه.
وقال الشافعي في فراسة مالك: "لما سرت إلى المدينة
ولقيت مالكا وسمع كلامي، نظر إلي ساعة ـ وكانت له فراسة
ـ ثم قال: ما اسمك؟ قلت محمد. قال يا محمد اتق الله، واجتنب
المعاصي، فإنه سيكون لك شأن من الشأن".
والفراسة النافذة إلى نفوس الأشخاص التي تكشف كنه أمورهم،
من الصفات التي يعلو بها كل من يتصدى لإرشاد الناس وتعليمهم،
فإنه يستطيع أن يعرف خبايا أمراضهم، فيعطيهم الدواء الشافي
والغذاء الصالح الذي تقوى على هضمه، ويتم به شفاء النفس
وسلامتها وقوتها.
.