abosa3d عضو جديد
عدد المساهمات : 25 نقاط : 55837 تاريخ التسجيل : 16/08/2009
| موضوع: تتمة الموضوع الخميس أغسطس 20, 2009 3:11 pm | |
| لماذا خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال ؟
خص الله الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال فقال : «إلا الصيام فإنه لي» وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء وغيرهم وذكروا فيه وجوها كثيرة ومن أحسن ماذكر فيه وجهان :
أحدهما : أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جلبت على الميل إليها لله عز وجل ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب وكذلك الاعتكاف مع أنه تابع للصيام وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلي فقد الطعام والشراب في صلاته بل قد نهي أن يصلي ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته حتى يتناول منه ما يسكن نفسه ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة .
وهذا بخلاف الصيام فإنه يستوعب النهار كله فيجد الصائم فقد هذه الشهوات وتتوق نفسه إليها خصوصا في نهار الصيف لشدة حره وطوله ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم رمضان في السفر في شدة الحر دون أصحابه كما قال أبو الدرداء وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر .
فإذا اشتد توقان النفس إلى ماتشتهيه مع قدرتها عليه ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله كان ذلك دليلا على صحة الإيمان فإن الصائم يعلم أن له ربا يطلع عليه في خلوته وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة فأطاع ربه وامتثل أمره واجتنب نهيه خوفا من عقابه ورغبة في ثوابه فشكر الله تعالى له ذلك واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر الأعمال ولهذا قال بعد ذلك : «إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي».
ولما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه من ترك شهواته قدم رضا مولاه فصارت لذته في ترك شهوته لله لإيمانه باطلاع الله عليه وثوابه وعقابه أعظم من لذته في تناولها في الخلوة إيثارا لرضا ربه على هوى نفسه بل المؤمن يكره ذلك في خلوته أشد من كراهته لألم الضرب وهذا من علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه فتصير لذته فيما يرضي مولاه وإن كان مخالفا لهواه ويكون ألمه فيما يكرهه مولاه وإن كان موافقا لهواه كما قيل :
عذابه فيك عذب *** وبعده فيك قرب
وأنت عندي كروحي *** بل أنت منها أحب
حسبي من الحب أني *** لما تحب أحب | |
|