قصة قصيرة : إرهابي ولكن .....

إرهابي ولكن ...؟!!

أبو الوليد ابراهيم أيت باخة

كان محمد في غرفته المتواضعة ، يسبح مع سكون الليل في بطون الكتب ...وينتقل خلالها بين تجارب العلماء والمؤلفين هذا من القرن السابع وذاك من القرن العاشر وهكذا ...وتارة ينكس قلمه فيدون بعض الملاحظات ..لعله يعد بعض الأبحاث العلمية ..مع هذا التفاعل ، لم يبخل محمد على نفسه بنظرة إلى الساعة التي لم يجد لها مكانا على الحائط المرصع بالكتب فوضعها على الأرض ...نظر إليها فإذا هي تشير إلى الرابعة والنصف ..لم يرتد إليه طرفه إلا وهو قائم وفقرات ظهره لها قرقرة .خرج من غرفته فلبث غير بعيد ثم عاد إليها ولحيته تتحدر ماء ، ثم مد يده فتناول قلنسوته من على الطاولة فوقف يصلي بعض الركعات ، يتلوا فيها القرآن أجمل ترتيل ، فما زال كذلك حتى أذن عليه الفجر فقام فصلى ثم خرج قاصدا المسجد المجاور ولسانه لا يفتر عن ذكر الله ...دخل فصلى تحية المسجد ثم جلس ينتظر الصلاة ... كان يطوف بنظره في أنحاء المسجد فيرى الشيب والشباب قد امتلأت بهم الصفوف ، فيشعر بارتياح بالغ لما يراه من إقبال الناس على دينهم ، وبعدما قضيت الصلاة خرج محمد ..فلايراه أحد إلا سلم عليه وابتسم إليه ، فقد كان محبوبا لدى الكل ..ولما وصل إلى باب غرفته وقبل أن يدير المفتاح إذا بإحدى السيارات تقف قبالته ...!!! إنها سيارة الشرطة ؟!!، عاد فرد المفتاح إلى جيبه ، ثم تقدم إلى تك السيارة ، سلم على أصحابها فبادروه بالكلام : هل تعرف فلان بن فلان ؟ قال: نعم، هو ذا الذي يقف أمامكم ...حينها نزل بعض الرجال فأمسكوا به ووضعوا الحديد في يديه ...حاول أن يستفسر عن الأمر لكنهم أركبوه في السيارة عنوة وغلظوا له في الكلام بل سبوه وشتموه ..أما محمد فاكتفى باسترجاعه ...وبدأ يدير شريط حياته محاولا أن يتذكر ...هل فعلت شيئا ؟ هل ارتكبت خطأ ما؟...لكـن من غير مـا جدوى.

وصلوا به إلى مركز الشرطة وأجلسوه في مكان، وبدأ الكل يتهامسون الكلام وهم يشيرن إليه ...ثم تقدم إليه أحد رجال المباحث ، فطلب منه معلوماته الشخصية، ثم قال :هل تظن نفسك ستنجو منا بهذه اللحية!! و بهذه الأمور التي تتستر وراءها ؟؟ فقال محمد: أنا بصراحة لا أفهم شيئا مما تقول ،فقال المباحث :أتحاول أن تظهر كـأن الأمر لايعنيك؟؟؟ فرد محمد :و الله ما قلت لكم غير الحقيقة .فقال المباحث:حسنا ستعرف كل شيء،ثم مد يده إلى مكتبه و أخرج ورقة وقال اسمع: لقد تم التوصل عن طريق الرقابة المستمرة! و الشهود والأدلة الفعلية! إلى أنك تنتمي إلى جماعة إرهابية محظورة!!! بناء على ما تم التأكد منه من أنك تملك في غرفتك على أجزاء كثيرة من الذخيرة! و على قذائف! و سيوف! بل تملك حتى بعض الأشياء النووية! إضافة إلى التأكد من أنك تخطط لأهداف خطيرة !! منها تخطيطك لتحقيق اجتماع الجيوش الإسلامية على يديك ، وقد أطلعت عليه غير واحد من الناس...،قاطع محمد هذا التقرير بضحكة قوية لم يتمالك منها نفسه ثم قال : هذا هو القلة القليلة في غرفتي بل أملك والحمد لله ما لا يخطر ببالك. أما المباحث فقد بلغ منه العجب مبلغه! وهم أن يتكلم فقاطعه محمد قائلا : بإمكانك رؤية غرفتي هذه ، فقال المباحث :طبعا هذا لابد منه ...

وصل الجميع إلى الغرفة...فاندفع الرجال يبحثون في أرجائها حتى قلبوا كل ما فيها رأسا على عقب ،غير أنهم لم يجدوا شيئا مما يبحثون عنه، ولا يرون إلا كتبا هنا و هنالك...فاستغرب المباحث من ذلك و تعجب،وقبل أن يستفسر قام محمد وهو يشير إلى الكتب المبعثرة على الرفوف فقال :هذا كتاب الذخيرة للإمام القرافي أحد مراجع المالكية ، وهذه قذائف الحق للغزالي ،وهذه مجموعة السيوف: الصارم المسلول لابن تيمية والصوارم و الأسنة لأبي مدين الشنقيطي و الصارم البتار لوحيد ابن عبد السلام ، أما الأشياء النووية فكثيرة جدا فهذه الأربعون النووية و هذا رياض الصالحين و هذا شرحه على مسلم ، وأخيرا أطلعك على مشروعي الكبير و هو تحقيق كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم وقد انتهيت منه و هو معد الان للطبع...؟؟؟

أما المباحث فلم يتحرك من موقفه المحرج ذاك إلا حين تقدم لينهر رجاله و أعوانه ليطردهم من ذلك المكان بسبب ما أوقعوه فيه من تلك المهزلة و لم يكن منه إلا ربت على كثف محمد و اعتذر منه على الإزعاج ثم انصرف و بقي محمد يتأمل في غرفته متعجبا من ذلك الموقف العجيب...!!!

والله قصة رائعة ليست روعة القصص الشيقة ولاروعة الاستئناس بالاحداث التي بها ولكن روعة التامل والتفكر في احوال رجال امتنا اولئك الدين يهان بعضهم ويسجن بعضهم ويقتل بعضهم الاخر فان لم يكونوا من هؤلاء عاشوا فارين بدينهم او غرباء بين الناس جزاءا بانهم اختاروا سبيل ربهم و ما اكثر ماشوهد على اعيننا ومن مثل هده القصة الا انها قصة ولكن ...... بوركت اخي وبورك هدا العقل النير والقلب الصاحي

سبحان الله قصة رائعة
عبرة وتسلية وقد تكون واقعية
ذكرتني بالذي سجن عدة ايام ومرت عليه اجراءات التحقيق المريرة لانه كان يحمل كتيب الاربعين النويية في جيبه ورجال الامن الاجانب ترجموا النويية بمعنى اخر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن هذه القصة الخيالية تصور واقعا عاشه الكثير من الناس ،في عصر يحارب فيه الإسلام بشتى الوسائل وبشتى الذرائع ،وما وقع بالمغرب بعد الأحداث المنكرة بالدار البيضاء في مارس 2003 أوضح دليل وخير برهان .
لهذا فهذه دعوة لإخواننا الذين يسعون لتحقيق الأمن والأمان للمواطن المغربي- وخاصة المخلصين في عملهم- إلى التريث والتبصر والحكمة قبل إصدار الأحكام .
كما أني أرى أن في القصة ما يشير إلى قضية مهمة وهي أننا في العصرالراهن أصبح الكتاب الإسلامي ذريعة لتوجيه التهم المعلبة بالقناطيرالمقنطرة في حين كان قديما خير جليس وخير مؤنس.
فالله المستعان.