أبو عبد الله مشرف ملتقى الطلبة الباحثين
عدد المساهمات : 405 نقاط : 61406 تاريخ التسجيل : 04/04/2008 العمر : 38
| موضوع: ذكرى للملتزمين والملتزمات السبت أكتوبر 31, 2009 4:45 pm | |
| ذكرى للملتزمين والملتزمات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد،فإن لما كان من آكد شرائع الإسلام وآدابه النصيحة والتناصح في الدين لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، أحببت من هذا المنطلق أن أكتب هذه الأسطر نصحا لإخواني في الدين،فأقول:
إن الله عز وجل أمر المسلمين أن يدخلوا في الدين كافة كما في قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان"[1]وحثهم وجوبا على الاستمساك بالدين جملة وتفصيلا،عقيدة وشريعة،سلوكا ومنهجا،تعاملا وسلوكا،ظاهرا وباطنا،لأن ذلك حقيقة الالتزام والتقوى والعبودية والاستسلام لله،ولم يحث على الاهتمام بجانب دون الآخر،إذ ليس في الدين قشر ولباب كما يزعم بعض الجاهلين،ولا ينافي هذا أن الأعمال تتفاضل فيما بينها،كما قال صلى الله عليه وسلم:"الإيمان بضع وسبعو أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق،والحياء شعبة من الإيمان"[2]وإنما فضل الله بعض الأعمال على بعضها ليجبر العبد أعماله التي قصر فيها بالتي استوفاها وحققها.
وإذا ترسخ أن العبد مأمور بالدخول في السلم كافة،علم أن بعضا من الملتزمين ليسوا على شيء فيما هم عليه من سلامة التزامهم بالظاهر وسوء سلوكهم وتعاملهم مع الناس،فإن الالتزام لا يقتصر على مجرد إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال،وإسبال الثياب ولبس الحجاب والنقاب للنساء،بل كل هذا وذاك واجبات شرعية معلومة من الدين،لا ينكره إلا علماني جاهل حاقد على هذا الدين وأهله،أو عالم باع دينه بدنياه تزلفا للإمام والسلطان،ولم يخف الله ولم يتقه.لكن حقيقة الالتزام والإيمان لا يتحققان إلا باستقامة جوارح العبد كلها وصلاح أحواله كلها،حاله مع ربه وحاله مع عباد الله.
فليتق الله إخوان لنا ملتزمون،وليظهروا الدين على حقيقته بسلوكهم ومعاملتهم مع غيرهم،وليحسنوا إلى إخوانهم،وليخالطوهم ويعاشروهم بالمعروف،فإننا الناس ينظرون إلى أعمالكم وأفعالكم ولا ينظرون إلى أقوالكم وعقائدكم وصلاتكم مهما حسنت وصلحت،لأنها لكم وليست لهم،فإن ثواب الصلاة مع الجماعة وإطلاق اللحية وتقصير الثوب،وأجر الحجاب والنقاب،إنما هما لمن التزم بهما لا يجني الغير منها شيئا ولا يهمهم منها شيء،بخلاف حسن الخلق والسلوك والتعامل الحسن،فإن الغير ينتفع بها.
ولا يكن شعار أحدكم: أنا ملتزم،لا أصاحب إلا ملتزما"،فإن هذا القول ينم عما ينم عنه من الاقتيات والتألي على الله،والطعن في أعراض الناس وتدينهم وإيمانهم،فكم من الناس-ممن حلق لحيته أو لم يلتزم باللباس الشرعي أو...- لو لازمته واطلعت على حاله لوجدته متقيا قائما بالليل حسن الخلق أكثر مما تجد عليه هذا الملتزم وإنا كان عاصيا بحلقه لحيته أو إسباله ثوبه أو تبرجها،إذ أن اللحية والثوب القصير والحجاب ليست معاييرا يميز بها الصالح من الطالح والملتزم من غير الملتزم[3]،بل هي علامات على الإلتزام و أمارات عليه،وليس حينما أمرنا بالحكم على الناس بما ظهر لنا من حالهم بمسوغ لنا للحكم على الناس بالطلاح والانتكاسة والفسق كلما ظهر منهم نوع من المعصية والإثم كما في حلق اللحية وإسبال الثوب والتبرج،وإنما أمرنا بهذا لأن أقصى ما يعين العبد على تقويم[4] الناس ما يظهر من أفعالهم وأقوالهم ومظاهرهم،لأن هذا مبلغ إدراك الخلق،أما معرفة الباطن وما استقر في قلوب الناس من العقائد والنيات والأحوال،فإنه من المتعذر على الخلق إدراكه،فلا يدركه إلا خالق الناس ومقلب قلوبهم.
وإذ أقول هذا فلست أزعم أن حالي خير من حالكم،أو إيماني خير من إيمانكم،أو أني أقرب إلى الصلاح والاستقامة منكم،حاشا لله،لسنا كذلك،بل نحن دون ذلك بكثير،لكن لا يشغب علينا أحد بهذا الدي قلنا وهو فينا،فإنه لو كان من شرط النصيحة والدعوة بلوغ الكمال في التقوى والايمان والصلاح،لبطلت هذه الشعيرة الدينية ولاستقر كل على ما هو عليه من الفسق والذنب والمعصية لعدمه الناصح الكامل القدوة،لكن كما يقول الفقهاء حقٌ على أهل الكؤوس أن ينصح بعضهم بعضا،والكمال عزيز،وسبحان الله من قبل ومن بعد،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
[1] سورة البقرة الآية 206
[2] متفق عليه
[3] هذا الكلام دو حدين،فينبغي أن يفهم في سياق وروده،ولا يعترض علينا أحد بما استقر عند العلماء من ان سلامة الظاهر علامة على سلامة الباطن.
[4] وليس هذا بمسلك شرعي ولا مقصد يسعى إليه من غير سبب أو مقتضى ،بل لا يلجا إليه إلا عند الاقتضاء والحاجة،ولا يتم إلا بالإنصاف والعدل والتجرد والتصور قبل الحكم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.أما بعد،فإن لما كان من آكد شرائع الإسلام وآدابه النصيحة والتناصح في الدين لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، أحببت من هذا المنطلق أن أكتب هذه الأسطر نصحا لإخواني في الدين،فأقول: إن الله عز وجل أمر المسلمين أن يدخلوا في الدين كافة كما في قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان"[1]وحثهم وجوبا على الاستمساك بالدين جملة وتفصيلا،عقيدة وشريعة،سلوكا ومنهجا،تعاملا وسلوكا،ظاهرا وباطنا،لأن ذلك حقيقة الالتزام والتقوى والعبودية والاستسلام لله،ولم يحث على الاهتمام بجانب دون الآخر،إذ ليس في الدين قشر ولباب كما يزعم بعض الجاهلين،ولا ينافي هذا أن الأعمال تتفاضل فيما بينها،كما قال صلى الله عليه وسلم:"الإيمان بضع وسبعو أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق،والحياء شعبة من الإيمان"[2]وإنما فضل الله بعض الأعمال على بعضها ليجبر العبد أعماله التي قصر فيها بالتي استوفاها وحققها. وإذا ترسخ أن العبد مأمور بالدخول في السلم كافة،علم أن بعضا من الملتزمين ليسوا على شيء فيما هم عليه من سلامة التزامهم بالظاهر وسوء سلوكهم وتعاملهم مع الناس،فإن الالتزام لا يقتصر على مجرد إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال،وإسبال الثياب ولبس الحجاب والنقاب للنساء،بل كل هذا وذاك واجبات شرعية معلومة من الدين،لا ينكره إلا علماني جاهل حاقد على هذا الدين وأهله،أو عالم باع دينه بدنياه تزلفا للإمام والسلطان،ولم يخف الله ولم يتقه.لكن حقيقة الالتزام والإيمان لا يتحققان إلا باستقامة جوارح العبد كلها وصلاح أحواله كلها،حاله مع ربه وحاله مع عباد الله. فليتق الله إخوان لنا ملتزمون،وليظهروا الدين على حقيقته بسلوكهم ومعاملتهم مع غيرهم،وليحسنوا إلى إخوانهم،وليخالطوهم ويعاشروهم بالمعروف،فإننا الناس ينظرون إلى أعمالكم وأفعالكم ولا ينظرون إلى أقوالكم وعقائدكم وصلاتكم مهما حسنت وصلحت،لأنها لكم وليست لهم،فإن ثواب الصلاة مع الجماعة وإطلاق اللحية وتقصير الثوب،وأجر الحجاب والنقاب،إنما هما لمن التزم بهما لا يجني الغير منها شيئا ولا يهمهم منها شيء،بخلاف حسن الخلق والسلوك والتعامل الحسن،فإن الغير ينتفع بها. ولا يكن شعار أحدكم: أنا ملتزم،لا أصاحب إلا ملتزما"،فإن هذا القول ينم عما ينم عنه من الاقتيات والتألي على الله،والطعن في أعراض الناس وتدينهم وإيمانهم،فكم من الناس-ممن حلق لحيته أو لم يلتزم باللباس الشرعي أو...- لو لازمته واطلعت على حاله لوجدته متقيا قائما بالليل حسن الخلق أكثر مما تجد عليه هذا الملتزم وإنا كان عاصيا بحلقه لحيته أو إسباله ثوبه أو تبرجها،إذ أن اللحية والثوب القصير والحجاب ليست معاييرا يميز بها الصالح من الطالح والملتزم من غير الملتزم[3]،بل هي علامات على الإلتزام و أمارات عليه،وليس حينما أمرنا بالحكم على الناس بما ظهر لنا من حالهم بمسوغ لنا للحكم على الناس بالطلاح والانتكاسة والفسق كلما ظهر منهم نوع من المعصية والإثم كما في حلق اللحية وإسبال الثوب والتبرج،وإنما أمرنا بهذا لأن أقصى ما يعين العبد على تقويم[4] الناس ما يظهر من أفعالهم وأقوالهم ومظاهرهم،لأن هذا مبلغ إدراك الخلق،أما معرفة الباطن وما استقر في قلوب الناس من العقائد والنيات والأحوال،فإنه من المتعذر على الخلق إدراكه،فلا يدركه إلا خالق الناس ومقلب قلوبهم. وإذ أقول هذا فلست أزعم أن حالي خير من حالكم،أو إيماني خير من إيمانكم،أو أني أقرب إلى الصلاح والاستقامة منكم،حاشا لله،لسنا كذلك،بل نحن دون ذلك بكثير،لكن لا يشغب علينا أحد بهذا الدي قلنا وهو فينا،فإنه لو كان من شرط النصيحة والدعوة بلوغ الكمال في التقوى والايمان والصلاح،لبطلت هذه الشعيرة الدينية ولاستقر كل على ما هو عليه من الفسق والذنب والمعصية لعدمه الناصح الكامل القدوة،لكن كما يقول الفقهاء حقٌ على أهل الكؤوس أن ينصح بعضهم بعضا،والكمال عزيز،وسبحان الله من قبل ومن بعد،وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. [1] سورة البقرة الآية 206[2] متفق عليه[3] هذا الكلام دو حدين،فينبغي أن يفهم في سياق وروده،ولا يعترض علينا أحد بما استقر عند العلماء من ان سلامة الظاهر علامة على سلامة الباطن.[4] وليس هذا بمسلك شرعي ولا مقصد يسعى إليه من غير سبب أو مقتضى ،بل لا يلجا إليه إلا عند الاقتضاء والحاجة،ولا يتم إلا بالإنصاف والعدل والتجرد والتصور قبل الحكم. | |
|